إلى العصاة أمثالي
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )
لا حد لسعة رحمة الله تعالى ( ورحمتي وسعت كل شي)
( لو أنكم لا تذنبون لأتى الله بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم أو كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
هذه الكلمات اليسيرة من العبد المذنب الفقير إلى ربه إلى إخوانه المذنبين مثله من حقها أن تكون كتاباً ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله.
لا يوجد بشر معصوم سوى الأنبياء على خلاف في صدور الصغائر منهم
وليست الذنوب محصورة في الأعمال الظاهرة فرب ذنب قلبي أعظم وأجل من بعض الكبائر الظاهرة كالزنا وشرب الخمر مثل الرياء والكبر والعجب في أحيان كثيرة
وكما أن طاعة الله سبحانه تحتاج إلى فقه وعلم فكذا المعصية تحتاج إلى فقه لمن أيقن أنه محاسب على الذرة والقطمير والنقير والفتيل
فلقلة فقه بعض العصاه تصبح صغيرته كبيره من حيث لا يشعر وتبقى ذنوبه دون تكفير بسبب جهله وتتعاظم عليه السيئات لعدم فطنته
والمسألة تجارة بحتة مع الله سبحانه مكاسب وخسائر وموازين توضع ويوزن بها الحسنات والسيئات
(فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
أحبائي العصاة أمثالي هذه نصائح أنصح بها نفسي وإياكم لا تكفيها هذه العجالة ولا توفيها حقها ولكن من أراد الاستزادة فعليه بمظانها
فكل نصيحة قد توسع فيها العلماء في كتبهم بل بعضها أفرد بالتأليف والتصنيف
أخي العاصي مثلي اعترف بذنبك ولا تحاول أن تبرر له أو تجد له مخرجا ولو في رخص الفقهاء فإن ذلك يحول بينك وبين الاستغفار منه والتوبة
ويزين لك التمادي فيه والإكثار منه وربما من غير حاجه منك إليه
كما أنك تضيف معصية أخرى إن كان تبريرك بالهوى المحض وتتبع الرخص وزلات العلماء
استشعر الانكسار لله سبحانه بسبب تلك المعصية فرب معصية أورثت ذلا وانكسارا فكانت سببا لرحمة الله وعفوه
ورب طاعة أورثت عجبا واستكبارا فكانت سببا في نقمة الله وغضبه
حاول أن تبكي بين يدي الله على معصيتك وتذلل له خاصة في خلواتك
اجتهد في الدعاء بأمرين مهمين الأول أن يغفر الله لك هذه المعصية والثاني أن يمكنك من الإقلاع عنها
فإنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله وأنت وأفعالك مخلوق لله .
احترم الأوقات ؛ تجنب المعصية في شهر رمضان وفي الأشهر الحرم وفي الأيام الفضيلة وفي جوف الليل الآخر وفي الساعة الأخيرة من يوم الجمعة
فتلك أوقات طاعات ورحمات منزلة فلا تستبدلها بالمعاصي بل اغتنمها
احترم الأماكن الفاضلة لماذا تكون معصيتك في مكة والمدينة إن كنت لابد فاعلا ففي غيرهما
لا تفعل المعصية داخل المسجد ففي خارجه مندوحة لك واستغل المسجد للطاعة التي تكفر لك ذنوبك .
ارتكب معصيتك إن كنت ولابد فاعلا بأقل الخسائر فلأن يزني الرجل بعشرة أبيات خير له من يزني بحليلة جاره
ولأن يسرق من عشرة أبيات خير له من أن يسرق جاره ..
هناك من تغلبه الشهوة فيقع في الزنا والعياذ بالله فيزني بمن ؟ ربما بمحرم له وفي مكان فضيل في وقت فضيل وتتعاظم عليه الذنوب ويهلك
ولو فقه لوجد الزانية الكافرة الممتهنة للدعارة في مكان ووقت ليست له تلك الحرمة وربما كانت اللذة أعظم والمرأة أجمل والذنب أقل بكثير .
لا تفعل معصية لا ترغب فيها ولا تدفعك إليها شهواتك دفعاً ويسول لك الشيطان أنك مادمت عاصياً فلتكن كذلك دائما.
إن عصيت ولا بد فلتكن معصيتك في شي له قيمه فإن الله لعن السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده
والمثل يقول إن عشقت اعشق قمراً وإن سرقت اسرق جملاً
وثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم ملك كذاب وفقير مستكبر وشيخ زاني .
إذا فعلت المعصية فافعلها في السر بينك وبين الله وإياك أن تخبر بها أحدا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرين
ويقول الله لعبده يوم القيامة سترتها عليك في الدنيا فاليوم أسترها عليك .
إذا عملت معصية فاعمل بعدها طاعة من صلاة أوصيام أو صدقه أو صلة أو قراءة قرآن أو غير ذلك
فالحسنات يذهبن السيئات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع السيئة الحسنة تمحها
وتذكر أن الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بواحدة فلن تغلب الآحاد العشرات وياخيبة من تغلب آحاده عشراته .
احرص على مكفرات الذنوب من أعمال وأقوال جاءت في الآيات والأحاديث
فاجتنب الكبائر تكفر عنك السيئات
وعليك بأذكار الصباح والمساء فإن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حين يصبح وحين يمسي غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر
إياك والشرك فإنك إن لقيت الله لاتشرك به شيئًا غفر لك ولا يبالي.
احرص على العواصم من المعاصي
فمن قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة في يوم عصم من الشيطان في ذلك اليوم .
والكلام في ذلك يطول.
إياك ورفقة السوء وبيئة الفساد احرص على صحبة الصالحين وارتياد أماكن الخير ولا تعرض نفسك للفتنة فالنفس ضعيفة
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالفرار من الدجال عند وضوح كذبه خشية فتنته
وأمر بالهجرة من دار الكفر وحث على هجر أرض المعصية
ونهى عن تمني لقاء العدو وأمر بسؤال الله العافية .
أحسن الظن بالله فإن الله عند ظن عبده به إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر وإياك واليأس والقنوط من رحمة الله .
إياك أن تشرك غيرك في معصيتك أو تدعو إليها فتتحمل أوزار غيرك
فمن دعا إلى معصية كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا
وقد مات أناس ولا زالت تكتب عليهم الذنوب بسبب دعوة غيرهم إلى المعاصي فإياك إياك
ادع للمذنبين أمثالك في دعائك فإن هناك ملكا كلما دعوت لأخيك قال ولك مثل ذلك ودعوتك لأخيك بظهر الغيب مستجابة
واستر على من تعرف ذنبه فمن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة .
أكثر من الاستغفار فإنه لا مثيل له في مغفرة الذنوب عود نفسك عليه فإنه لا يشغلك عن أعمالك
يمكنك الاستغفار و أنت تعمل وأنت تقود سيارتك وأنت في انتظار شيء ما وحتى يأتيك النوم على فراشك ونحو ذلك
أكثر من الأعمال الصالحة اليسيرة حتى يثقل ميزان حسناتك فقل هو الله أحد مرة واحدة تعدل ثلث القرآن
وسبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته حسنات يعجز عن حصرها
اطلب ممن تتوسم منه الصلاح أن يدعو لك بالمغفرة وبالتوفيق للطاعة والإقلاع عن المعصية
فدعوته لك بظهر الغيب مستجابة كما تقدم بالإضافة إلى رجاء أن يشفع لك لصلاحه .
استغل معصيتك في كسب الحسنات بإظهار عيوبها التي تعرفها ونشر ذلك بين من استطعت من الناس
وربما استفدت منها فوائد فاستعملها في طاعة الله وفي الدعوة إليه
فإن كنت تعلمت مثلا الإنجليزية من علاقة محرمة ولأجلها فاستعملها لنشر الإسلام وتعليم جاهليها وهكذا
إياك أن تمنعك معصيتك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنك عاص
فإن ذلك من مداخل إبليس ليجمع عليك معصيتين فإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المعاصي الخطيرة
فلا تضف عليك ذلك إلى تقصيرك وإن كان الأكمل أن تجمع بين الحسنيين .
احرص على طلب العلم الشرعي واحضر مجالسه وتفقه في طرق الإقلاع عن المعاصي وشروط التوبة فإن ذلك يعينك بإذن الله على ترك المعاصي والتحول إلى الطاعات
وأشغل وقتك بالقراءة في سير الصالحين وكتب الزهد والرقائق
وإياك والتقليل من شأن المعصية واحتقارها بل استعظمها
وأزر على نفسك وأشعر نفسك بحقارتها لشرائها عاجل الدنيا برضا الله ونعيم الآخرة حتى لا تتمادى في تلك المعصية وغيرها
وأدم من تمني التوبة من معصيتك وتألم لها وافرح لطاعاتك واطلب من الله استدامتها فطوبى لمن ساءته سيئته وسرته حسنته
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من هؤلاء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين