هات الدليل …
كلمة لها رونق وبهاء خطفت أبصارنا واستحوذت على قلوبنا في بداية الطلب اغترارا بالشبر الذي دخلناه من العلم فكادت أن تحرمنا الحق جملة وتفصيلا وأوقعتنا في مهالك نحمد الله أن نجونا منها فكان لزاما أن نمحض إخواننا النصيحة فليس كل من وقع في هلكة نجا
عندما بدأنا طلب العلم بهرتنا كتب ابن حزم وعكفنا على كتاب الإحكام في أصول الأحكام والمحلى بالإضافة لكتاب الشوكاني القول المفيد في حكم التقليد مع مابدأ صدوره من رسائل للشيخ الألباني بجوار قراءاتنا الأخرى التي ركزت على كتب الحديث وشروحاته مثل شرح النووي لصحيح مسلم وتنوير الحوالك في شرح الموطأ وغيرها
وهنا كانت البداية .. نحن لانقلد أحدا .. نحن نتبع الدليل .. التقليد حرام ..
وانتشرت هذه اللوثة في كثير من زملائنا حتى من لم يكن قارئا ومجتهدا في محاولة طلب العلم _ طبعا دون علماء _ مثلنا ، فقط نقرأ ونفتي أنفسنا بالدليل ! ولماذا نحتاج للعلماء وجلهم علماء سلاطين ومقلدة للمذاهب ؟ نفس الشنشنة التي نعرفها من أخزم
كنا نسخر من أحد المشايخ الكبار الذين كانوا يقيمون دروسا شرعية ويحضرها بعض طلبة العلم على الطريقة الصحيحة وقد حضر معهم أحد المتفلسفة أمثالنا فقال الشيخ مسألة فانبرى له العامي المجتهد وقال له ما هو الدليل يا شيخ ؟ فما كان من الشيخ إلا أن قال له : حدثنا أبو علي المنياوي قال أخبرنا عبد الله بن أحمد الحضري عن عباس النجار عن أبي أحمد الصانع او كما قال بنحوه ثم ذكر حديثا وقال للأخ : اقتنعت بالدليل ؟ فقال له : نعم ياشيخ هكذا نحن لا نأخذ إلا بالدليل .. فقال له الشيخ : طيب يا بني هؤلاء الذين ذكرتهم جيراننا بياع الطعمية والنجار والبقال وهلم جرا ..
كنا نسخر من الشيخ لفعله ذلك وقد فهمنا مقصده بعد فترة .. فمهما يقول المفتي لسائله من دليل فهو مجرد كلام مفرغ من الفهم الحقيقي بالنسبة للعامي في أغلب الحالات وقد يستفيد منه بعض من تعلم شيئا من العلم لكن لن يقف على حقيقته وعلى مادار في عقل المفتي من سيل من المعلومات والأدلة المتوافقة والمتعارضة التي ذكر له منها نتفة من النتف فقنعت بها نفسه لايلبث أن تنتقض بأي عالم آخر مخالف يذكر له شيئا مما يعارضها ..
ظهرت منذ أيامنا تلك بدعة أين الدليل ؟ صار كل سائل من جماعتنا _ أعني قراء كتب العلم الذين لم يدرسوا العلم على الطريقة الصحيحة _ إذا سأل عالما أو ناقش مثله من نفس الطينة والعجينة يقول : هات الدليل .. وكل يستدل بما يجهل حقيقته ونتصارع وصارت معارك ونزاعات لا أول ولها ولا آخر ولنا في ذلك قصص مضحكة ومؤلمة في نفس الوقت لانطيل بذكرها فليس ذلك وقتها ..
يا أحبة طلب العلم له منهجية قد كتبنا فيها فمن أراد أن يفهم الدليل عليه أولا أن يطلب العلم حسب هذه المنهجية وبدون طلب للعلم بالطريقة الصحيحة سيظل المسلم في درجة العامي والعامي لاعلاقة له بالدليل وإنما مذهبه مذهب مفتيه يسأل المفتي عن الحكم فقط ويتحمل المفتي مسئولية فتواه وهي مسئولية عظيمة فإن نشط المفتي فذكر آية أو حديثا للعامي فهذا نافلة من القول وهو حسن في وقت السعة وهكذا كنا نفعل في اللقاءات الصوتية ولغلبة طلاب العلم عليها وأما في الفتاوى المتكررة على وسائل التواصل فإن الوضع يختلف فالوقت لايسعف للتزيد في الكتابة خاصة وبعض الأمور لايفيد فيها أن تكتفي بآية أو حديث مع غلبة العوام .
ولازال منهج السابقين من سلف الأمة ومن تبعهم على الاقتصار على الفتوى دون ذكر لأدلتها في الغالب ولايعهد سائل في تلك الأزمنة المتعاقبة يسأل العالم فيقول له ما هو دليلك على فتواك حتى ظهرت جماعتنا هذه والله المستعان .
لابد أن يعرف المسلم منزلته حتى يعلم مايلزمه ويحمل نفسه مايطيقه ولذا كتبنا مقال : من أي صنف أنت ؟ فإذا كان عاميا فليس له إلا أن يجتهد في البحث عن العالم الثقة ليستفتيه ولا علاقة له بالدليل ولايقدر على غير ذلك والعامي يشمل كل الناس ماعدا من فرغ وقته لطلب العلم على المنهج الصحيح وقد كتبنا في ذلك مقالة “منهجية طلب العلم” فمن كان على ذلك فقد ارتقى لمنزلة طالب العلم وهي درجات وهذا إذا سأل العالم استفتاء فمثله مثل العامي أما في مجلس العلم والمدارسة فهنا يستعلم من العالم الذي هو أستاذه عن الدليل ويناقش وجهات النظر بأدب طالب العلم الذي تعلمه قبل أن يبدأ طلب العلم .
أما العالم فهو لن يستفتي غيره وإنما سيفتي نفسه وهذا لانقصده هنا .
قال القرافي :
قال مالك: يجب على العوام تقليد المجتهدين في الأحكام كما يجب على المجتهدين الاجتهاد في أعيان الأدلة، وهو قول جمهور العلماء خلافاً لمعتزلة بغداد .
وقال الشوكاني عند تعريفه للتقليد: التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجة. فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بالإجماع، ورجوع العامي إلى المفتي، ورجوع القاضي إلى شهادة العدول. فإنه قد قامت الحجة في ذلك … إلى أن قال :
(وأما رجوع العامي إلى قول المفتي فللإجماع على ذلك)
فهذه مسألة مجمع عليها ولاجدال فيها
هذا سؤال قد جاءني ضمن هذه المنظومة يقول السائل :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
شيخي في اخت عندها مبلغ من المال والمبلغ مخبيته في دفتر بيانات العائلة.. والدفتر موجود بالشنطة.. راحت الاخت للسوق وتركت الشنطه بالبيت عند اهلها.. وبعد ما راحت جاءت لعندهم المسؤولة عن المنطقة وطلبت دفتر بيانات العائلة بدهم يساوو احصائية.. فأهلها للأخت اخذو الدفتر واعطوه لها.. وبعد يومين حتاجت الاخت فلوس راحت للشنطة ما لقت الدفتر.. وقالت لأهلها انه المبلغ بالدفتر.. راحو اهلها لعند المسؤولة وتكلمو معها ونفت انه المبلغ عندها.. ومن طريقة كلامها باين عليها انها كذابة والمبلغ عندها.. والمال مال ايتام والام لا تملك غيره.. وقلنا لها واصرت انه المبلغ مو عندها.. سؤالي الآن إذا رحنا ع المحكمة او الجهة المسؤولة وقدمنا شكوى عليها بتكون محاكمة لهم او بنوقع بردة ؟
(هذا نص السؤال كما كتبه الأخ)
والجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا ليس من التحاكم المحظور هذا نوع من الاستعانة لرد مظلمة وهو موافق لشرع الله وماكان موافقا للشرع فلا حرج فيه
قال السائل : شيخنا ممكن دليل لانه اهل الاخت مو مقتنعين بهذا الكلام
الجواب : أخي العالم إذا أفتى لايفتي استنادا لآية أو حديث بل يفتي بناء على مجمل نصوص الشريعة من آيات وأحاديث وآثار وكلام للعلماء السابقين ويتبع في ذلك الأصول ومقاصد الشريعة والقواعد الفقهية وينظر في الناسخ والمنسوخ والمجمل والمفصل والمقيد والمطلق والعام والخاص ثم ينظر في دلالة النصوص الشرعية هل هي دلالة تطابق أم تضمين أم اقتضاء أم اقتران أم غير ذلك
فماذا يفهم العوام من هذا ؟
النص الشرعي لمنع التحاكم للمحاكم الوضعية له تقييدات غير متوفرة في حالتهم ولايشملها وتفصيل ذلك يحتاج رسالة طويلة وعموما عندهم رسالة لتركي البنعلي في ذلك يرجعون إليها إن شاؤوا وإن أبوا فالله يخلف عليهم في المال .ا.هـ
وقد كان هذا قبل كتابة مقالات التحاكم وهو من أسباب كتابتها وهنا أقول الآن هذه الثمانون صفحة التي اختصرت فيها مسألة التحاكم هي الدليل على الفتوى التي أفتيتهم إياها فكيف بالله عليكم أرفق فتواي لهم بالدليل ؟ أفأكتب لهم ثمانين صفحة لأدلل لهم على تلك الفتوى ؟!
هل يتخيل البعض أن حكم السلم في البيوع مثلا يستدل له بقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) ؟ أو أن حكم المهايأة يستدل له بقوله تعالى (هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) ؟
الأدلة يا أحبة عند أهل العلم كما ذكرها البعض : هي الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، واستصحاب النفي الأصلي والاستقراء والمصالح المرسلة وقول الصحابي والاستحسان وعمل أهل المدينة ونضيف لها استصحاب الحال والحكم بالبراءة الأصلية ، والحكم بأقل ماقيل ، وشرع من قبلنا ، والعرف ، وسد الذرائع .. على خلاف في بعضها وزيادات
ونضرب مثالا فقط بالدليل من القرآن يعني دليل الكتاب ماذا يستلزم لفهمه ؟ يستلزم معرفة دلالات ألفاظه على الأحكام الشّرعيّة ، ومعرفة التفسير وأسباب النزول، وأوجه الاستدلال ومعرفة الحقيقة والمجاز والناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمجمل والمبين، والنص والظاهر والمفهوم والمؤول .
كما أن الدليل إن اشتمل على أمر أو نهي فلابد من معرفة هل الأمر والنهي يدلان على التحريم أم الكراهة أم الوجوب أم الندب أم الإباحة أم الإرشاد بل إن الأمر أحيانا لايكون للطلب أصلا وإنما للتهديد والإنذار، والتمنِّي والتهكُّم
ثم دلالة هذا الدليل على الحكم من أي أنواع الدلالات هل دلالة المطابقة أم دلالة التضمن
أم دلالة الالتزام أم دلالة الإشارة أم دلالة الاقتران ؟
كما أن اللفظ له دلالة منطوق ودلالة مفهوم ودلالة المفهوم نوعان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة وهو مايسمى فحوى الخطاب ودليل الخطاب .. فأي ذلك هنا ؟
وأخذ الحكم من الدليل يبنى على مناط الحكم فيختلف العلماء في تنقيح هذا المناط ثم في تحقيق هذا المناط ..فالدليل يكون واحدا ولكن الاختلاف في تنقيح المناط وتحقيقه يجعل الحكم مختلفا جذريا
وقد تكلمت عن هذه الجزئية في عدة مواضع من الحملة على الغلاة ويجدر هنا أن أسوق بعضا مما جاء فيها قلت :
اللقاء الوحيد الذي جمعني بفضيلة الشيخ المحدث الفقيه الشافعي محمد نجيب المطيعي رحمه الله كان عام1400 في موسم الحج بمنى كان هو إمامنا في صلاة العشاء على ما أذكر يوم التروية وكنا مجموعة من الجماعة الإسلامية من كلية الهندسة وكنت وقتها في اتحاد الطلاب ورئيس لجنة الجوالة وعمري إذ ذاك حوالي عشرين سنة وكانت لي بعض القراءات في الشريعة لا أذكرها بالضبط ولعل منها صحيح البخاري وفتح المجيد وشيء من فقه السنة والدين الخالص وبعض كتابات الإخوان والألباني وغير ذلك وكنت أقرأ القرآن برواية حفص وورش فكنت أظن في نفسي أني على قدر من العلم ولا أقبل إلا الدليل لا آخذ من العلماء المهم الكتاب والسنة .المهم صلى بنا الشيخ العشاء فأتم الصلاة أربعا فثارت ثائرتي أنا وبعض الإخوة ممن نرى في أنفسنا معرفة السنة بدليلها وأنكرنا على الشيخ الإتمام ولم نكن نعرفه فما كان من الشيخ إلا أن عرفنا بنفسه وكان مما ذكره عن نفسه أنه من العلماء وأن هذا هو الراجح في نظره وكان يتكلم من وجهة نظرنا إذ ذاك بعجب وغرور واحتقار واستصغار لنا وقد كنت أسمع عنه وعن دروسه في مصر لكننا لم نكن نهتم بها كسلا أولا في الحقيقة واحتقارا للعلماء جملة وإسقاطا لهم لأنهم مقلدون ومتمذهبون ونحن نتبع الدليل والحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق وهم رجال ونحن رجال وهذه الأسطوانة المشروخة في الحقيقة لم نلتفت لشيء مما ذكره الشيخ ولم نلق له بالا فقد كانت آذاننا موصدة لنظرتنا السيئة له كرجل مغرور متكبر يتفاخر علينا بأنه عالم وهو مقلد متمذهب ضائع ونحن أهل الحق والدليل وعدم التقليد كما قدمنا كثير من محبي الخير ومريديه يقرؤون كلام العلماء في ذم التقليد والحرص على معرفة الدليل فيطيرون به كما كنا نفعل نحن في أيام جهلنا وبداية طلبنا للعلم وظننا أن هذا الكلام ينطبق على أمثالنا ممن لم يحصل أدوات الفهم ومعرفة الدليل ووجهته وكيفية الاستنباط وإنزال الأحكام بعد تنقيح مناطاتها وغير ذلك ولذا يكثر في كلامهم إن أعياهم النقول عن العلماء الأكابر العبرة بالدليل من الكتاب أو السنة ثم ينقل لك دليلا لم يفهم معناه ولا وجه الاستدلال فيه فكتبنا هذه المقالة والتي بعدها في ذلك :
* البعض يستدل لك بنصوص من القرآن وأدلة من السنة وكأنه قد فتح عكا أو جاب الديب من ديله كما في المثل العامي …
وهل يوجد في تاريخ الإسلام ضال أو زائغ لم يحتج بآيات وأحاديث ؟
بالأمس القريب كان معنا العويد وكان يحتج بآيات وأحاديث على كون الدولة من الخوارج فهل كان مصيبا لمجرد هذا الاحتجاج العبرة بصحة الاستدلال ومطابقة الدليل للمدلول بعد صحة فهم المراد من الدليل بجمعه مع سائر النصوص الشرعية واعتباره بالأصول العلمية الصحيحة وهذا لا يعرفه إلا العلماء المتمكنون المشهود لهم بالعلم والسبق والفضل لا العوام ولا أنصاف المتعلمين جميع الفرق قد ضلت لأنها أخذت نصوصا وتركت أخرى وآمنت ببعض الكتاب وكفرت ببعض فالمرجئة لم يأتوا من فراغ فلديهم آيات وأحاديث ثابتة صحيحة تؤيد بدعتهم والخوارج كذلك والمشبهة كذلك والمؤولة كذلك وهلم جرا ولو استقصينا حججهم وأدلتهم القوية الواضحة لالتبس الأمر كثيرا على العوام بل على طلاب العلم ولترسخت عندهم الشبهات فلا داعي لذكر ذلك وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .
* نحن نتبع الدليل ولا نقلد !
كلمة كنت أقولها كثيرا في أول الطلب متأثرا بالجبل الأشم ، الإمام العلم ، أبي محمد ابن حزم ، وكلما تقدم بي العمر وتعمقت في طلب العلم أجد فيها خللا .. فهي جميلة وذات رونق وبهاء لكنها على حد قول شيخنا في اللغة الشيخ منصور حبيب رمضان رحمه الله حيا أو ميتا كالعلل النحوية التي كالوردة تشم ولا تفرك .وأذكر أن شيخنا _ وتلميذنا تجاوزا وتواضعا منه _ أبا عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري حفظه الله وصرفه عما هو فيه كان قد بدأ تأليف موسوعة علمية يريد أن ينفك فيها من تقليد أحد _ طبعا بعد أن أصبح إماما عالما _ فكان مما يجب عليه ليلتزم الشرط ألا يقبل تقليد أئمة الجرح والتعديل في الرواة الذين هم عمدة ثبوت الدليل الذي هو عمدة صحة الحكم ! فلربما اعتقد المرء في الله اعتقادا مكفرا كفرا أكبر بناء على حديث وهذا الحديث قلد فيه عند نظره في صحته _ وهو أهل لذلك _ قول علماء الجرح والتعديل في كون راويه ثقة ولربما لو سبر هو مروياته ولم يقلدهم لتبين له أنه ليس بثقة فينهدم الحديث ويسقط الأصل كله . وبعد لأي وجهد وبعض غوص في بحر العلم علمت أن الذي يريد أن ينفك من التقليد وينفرد باتباع الدليل لابد أن يكون في الجانب العلمي فقط عالما في اللغة وعلومها وعالما في القرآن وعلومه وعالما في الحديث وعلومه وعالما في الفقه وعلومه وعالما في السيرة وعلومها وعالما في التاريخ وعلومه وغير ذلك فضلا عن الجوانب الأخرى غير الجانب العلمي . وأصبحت أنظر لمن يسلك مسلكي في بداية الطلب نظرة المشفق وأحذر من أحب من تلكم النظرة السطحية لقضية التقليد والاجتهاد واتباع الدليل وأذكر لهم مثالا فرضيا ….
وهنا ذكرت مثالا لقصة وهمية عن شخص أراد الزواج من أخته محتجا بآية صريحة في كتاب الله تعالى وهي قوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) ودار حوار بينه وبين من يصحح له ذلك ..
وقد كثر اعتراضات بعض العوام بأن القرآن حجة بذاته ومن ذلك مانشر في موقع الفتاوى :
فتوى رقم :154سئل فضيلة الشيخ الدكتور محمد رزق عبد الناصر طرهوني
من الأخ أبي الحسن العراقي قال : أليس القرآن حجة بذاته ؟
فأجاب الشيخ حفظه الله :القرآن حجة بذاته ولكن لا يفهم حجته على الوجه الصحيح إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولذا لم ينزل القرآن دون نبي يوضحه ويفسره وورث ذلك بعده العلماء من الصحابة ومن بعدهم ولذا أمر الله تعالى بالرجوع إليهم فلا يفهم حجة القرآن إلا العلماء ليجمعوا النصوص ويعرفوا كيف الاستنباط وقد مثلنا لذلك بقصة من أراد أن يتزوج أخته فراجعها مع سائر منشورات الحملة على الغلاة لتفقه المسألة ، ومن قال بخلاف قولنا هذا فهو مخطئ أو كلامه مجمل يحتاج لتفصيل .ا.هـ
وفي النهاية نكرر : البعض يظن أن الدين يؤخذ من آية أو آيتين أو حديث أو حديثين وهذا عين الجهل وما زاغت الفرق الضالة إلا بذلك فكل ضال يستطيع أن يتعلق بآية أو حديث ولذا قال تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) وأما العلماء فيجمعون كل ما يتعلق بالمسألة من أدلة نقلية وعقلية وأصول فيستنبطون منه الحكم وهذا لا يستطيعه إلا العلماء الجهابذة .
ويا أيها السائل الحبيب .. والله إن المفتي ليس مستمتعا بسؤالك ولايتقاضى منك أجرا عندما يفتيك ويتمنى لو أن غيره كفاه مؤونة إجابتك ويقتطع من وقته وجهده وفكره لأجلك احتسابا وخوفا من أن يؤاخذ بين يدي الله غدا ولايضيره أن يعطيك الدليل لو علم أنك ستفهمه أو وجد إمكانية لذلك فالأمر ليس حربا قائمة بينك وبينه فأنت تعجزه وهو يهرب وتتحداه وهو يكع
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ورزقنا الله وإياكم السداد في القول والعمل