كيف نتعامل مع الفتوى ؟؟
كل مسلم يحتاج في أمور دينه للفتوى حتى يعبد الله على الصواب .. ومنذ عشرات السنين ونحن نحاول الإدلاء بما نستطيع في هذا الجانب ، وربما ضجرنا أحيانا وصبرنا أخرى ولكننا في الجملة نسدد ونقارب .
مؤخرا لاحظت على أخ حبيب حريص على الخير إعمال عقله في الفتاوى بصورة تخوفت منها عليه فقررت أن أكتب هذه الكلمات السريعة لتوجيهه وليستفيد منها الآخرون .
بادئ ذي بدء يشكل على الكثيرين مسألة الفتوى ومن يسألون وممن يأخذون ونحو ذلك فكتبنا لهم مقال : من أي صنف أنت ؟ ثم أتبعناه بنموذج التقييم لكي يحدد المرء ما المطلوب منه وماحدوده مع الفتاوى الشرعية .
إذن أول خطوة أن تعرف من أي صنف أنت فإذا عرفت فالزم حدك حتى لاتتعب ولا تتعب غيرك.
غالبا يقرر الأكثرون أنهم من العوام ولكن يحصل تناقض عظيم بين الواقع وبين هذا التقرير فكتبنا لهم مقال : أنا عامي ولكن أفهم أكثر من العالم ! ، ومقال : أين الدليل ؟
ثم تساءل العامي كيف أعرف العالم الذي أستفتيه فقد اتسع الخرق وكل صار يفتي ؟ كيف أميز بين العالم وغيره وبين العالم وطالب العلم وبين عالم السوء وعالم الحق وعالم السلطان وعالم الرحمن وعالم البدعة وعالم السنة ؟ فكتبنا له مقالات عدة وأجبنا عن أسئلة كثيرة في ذلك ومن أهم ما كتبناه في ذلك تحرير مصطلح العالم في كتاب معركة المصطلحات ثم بقية ماكتبناه في موقفنا من العلماء ضمن الحملة الطرهونية على الغلاة ورسالة العلماء ضمن رسائل الرد على الغلاة وكا الأسبوع التأسيسي في دورة إعداد طالب العلم وغير ذلك .
وربما قرر أنه طالب علم ولم يتنبه لحقيقة أمره أو أن العامي اغتر ببعض طلاب العلم أو ببعض المتصدرين فصار يأخذ عنهم فكتبنا الكثير أيضا لتوضيح ذلك ومنه : المشوهون علميا ، وأطفال الآثار ، وسلسلة سير أعلام الوضعاء .
من خلال ما كتبناه نرجو أن نكون أبرأنا الذمة في هذا الجانب فأوضحنا للسائل أنه عليه أن يبحث عن عالم تحققت فيه أهلية العلم واستحقاقه للفتوى مع سلامة منهجه فيسأله عن أمور دينه ولايلزمه إلا اتباع مايفتيه به .
فتم تحذيره من المشوهين والمتصدرين من طلبة العلم على اختلاف مشاربهم أمثال الصومالي والحازمي وأبي براءة السوداني وآل حمدان والخليفي وشمس الدين ونحوهم
وتم تحذيره من المنحرفين والمتعالمين وعلماء الضلالة والزيغ أمثال العيسى ومختار جمعة وعدنان إبراهيم وشحرور وخالد الجندي ومزمل فقيري ونحوهم
ومن قبل حذرنا من عمرو خالد والجفري وغيرهما
وحتى العلماء حقا ما تركنا ما تيسر لنا تتبعه مما يظهر خطؤه فرددنا عليه كما حصل مع الفوزان وحاتم العوني ومن قبل نصر واصل والعبيكان ..
إذن حاولنا كشف الغطاء لكل من أراد الفتوى الصحيحة حسب ما ظهر لنا
والآن عندما يصل العامي للفتوى من العالم الذي يثق به فإنه لايعمل عقله في النظر في حيثيات الفتوى وفي نقدها فإن مآل ذلك الانحراف ورد الشرع في نهاية الأمر ..
تأكد أن مايمكن أن يخطر في بالك من ملاحظات أو تدقيقات في الفتوى قد مر على ذهن العالم أو من سبقه من العلماء الذين استنار بأقوالهم في المسألة ولا تظن أبدا أنك المدقق وصاحب النظرة الفاحصة لما لديك من معلومات واطلاع .. وهذا غالبا يحصل ممن درسوا علوما مقدمة عند الناس كالطب والهندسة واللغات ونحو ذلك وهذا سبب ضلال بعض من تقدم ذكرهم وسبب ضلال أمثال العشبي محمد الفايد والكيال ونحوهما .
أقول : كل الاستشكالات عليها ردود وليس مجال الفتوى متسعا لطرح كل مايخطر ببال السائل من استشكالات سببها قلة علمه وعدم دخوله معترك طلب العلم والتدرج فيه ، ولذا ننصح بالاكتفاء بفتوى العالم لك ، وإياك وضرب الأمثال وإثارة الاستشكالات فغالبا ليس للعالم الوقت وطول البال للتمادي معك ، ثم تأكد : كلما أزال لك إشكالا أثار الشيطان لك غيره ، هذا إذا اقتنعت بما أزال به الإشكال فغالبا لاتقتنع لأن هذا هو هدف الشيطان من إثارة تلك الإشكالات لك . واعلم أن الطريق الوحيد لإزالة كل الإشكالات هو طلب العلم بالطريقة الصحيحة حتى تصبح عالما .
نضرب مثالا من أسئلة الأخ :
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله، أصبح الناس يستمتعون برؤية الكسوف والخسوف فما حكم هذا الأمر؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جهلة يعلمون
السؤال : سألت عن الحكم لأنني جاهل بهذه القضية أيضا، أعلم أنه توجد صلاة لكن هل النظر للظاهرة محرم أم ماذا؟ وماسبب الخوف من الكسوف بارك الله فيكم
الجواب :
أنت سألت عن حكم الناس وليس حكم العمل ..والعمل إذا مجرد النظر فلابأس مالم يضر طبيا يعني بالنظارات الخاصة مثلا وأما الضحك فهو مخالفة صريحة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد بين أن هذه آية تخويف وأمر بالفزع للصلاة والدعاء والصدقة والاستغفار ونحو ذلك فمن يضحك بعد معرفته ذلك يخشى على إسلامه أصلا وأما من لم يعلم فجاهل يعلم .
السؤال :
صدق رسول الله، لكني لم أستطع فهم معنى آية تخويف فنرجو لو تشرحون لي .
الجواب :
يعني من علامات القيامة أو نزول العذاب أو البلاء حصول الكسوف ولذا على المسلم أن يخشى أن يكون ذلك التوقيت الذي حصل فيه الكسوف هو توقيت لحصول شيء من ذلك
السؤال :
من علامات يوم القيامة أي مثل العلامات الصغرى والكبرى؟ أم أنها ربما القيامة عند وقوع الكسوف وهو أمر أستنكره لأن الساعة لايعلمها الا الله والبشر يعلمون موعد الكسوف بالثانية سنوات قبل حدوثه
أما نزول العذاب والبلاء فهو غير مشاهد واقعا، فإذا يوجد نص شرعي يقول بذلك آمنّا فهل يوجد شيخنا؟
الجواب :
تساؤلاتك تحتاج لمقال مستقل فانتظره إن شاء الله تعالى .
انتهى الحوار على مدى أيام في منتدى الفتاوى وطبعا الأخ مسترسل لعلاقته القوية بي واستجابتي له في مثل ذلك على الخاص وغيره ولكن هذا الأمر كما بينت غير محمود ومآله خطير وكان عليه أن يكتفي بما ذكرناه ولكن أظن أن الذي دفعه لذلك المعلومات الحديثة عن الكسوف والخسوف والتي أفسدت على الناس أمر دينهم مثل معلومات حركة الأرض والشمس والقمر ورصد الأهلة ومثل معلومات الزلازل ونزول المطر وحركة الرياح والسحب والرعد والبرق ومثل معلومات الجراثيم والعدوى ونحو ذلك . وهذه ونحوها جعلت الناس تغفل عن الجانب الشرعي فيها وتركز على السنن الكونية التي جعلها الله لتتوافق مع ماذكره الشرع ولكن بعد تأمل دقيق فغالبا العامي المغتر ببعض المعلومات السطحية هذه يبدأ ينتقد النصوص الشرعية وهو لايشعر ، وفي ما ذكرناه نصوص شرعية توصل للكفر إن لم يتوقف العامي عند ما يقوله العلماء .
وهنا في مسألتنا الحديث واضح وصريح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّ الشمسَ و القمرَ لا يَنكَسِفان لموتِ أحدٍ و لا لحياتِه ، و لكنهما آيتانِ من آيات اللهِ ، يخوِّفُ اللهُ بهما عبادَه ، فإذا رأيتُم ذلك ، فصلُّوا و ادعُوا حتى ينكشِفَ ما بكم .
والآية صريحة كذلك في أن ذلك من علامات القيامة قال تعالى : فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر .
وبالتالي هذه آية تذكر بعلامات القيامة كما أنه ربما كانت هذه مقدمات لقيام الساعة فلا أحد يدري متى تقوم ، كما أن الله سبحانه ربما قد ربط حصول هذه الآية _ مهما كان سببها معلوما _ بنزول عذاب وهذا كما كان يحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان إذا رأَى مَخيلةً تلوَّن وجهُه وتغيَّر ودخل وخرج وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سُرِّي عنه فذكرتْ له عائشةُ بعضَ ما رأت منه فقال وما يُدريك لعلَّه كما قال قومُ هودٍ ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ … ) الآيةُ
وهذه روابط لتفصيلات في المسألة مطولة :https://binbaz.org.sa/discussions/138/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B3%D9%88%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B3%D9%88%D9%81-%D8%AA%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%81-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%87%C2%A0
https://midad.com/article/222179/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B0%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%88%D9%8A%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A2%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9
فنصيحتي لولدي السائل ولغيره أن يكتفوا بالجواب الشرعي ولايطلقوا لعقولهم العنان للنقد والنظر في الإشكالات ففي سؤالنا هذا يكفي أن يستحضر هيبة الموقف وأنه قد يكون فيه عذاب وسخط من الله ويفزع للصلاة وخصوصا الصلاة الطويلة المشروعة والدعاء والأعمال الصالحة حتى تنجلي الآية وينصح الناس بذلك ويعلمهم ولايجعل معرفة أهل الفلك للتوقيت تخرب عليه هذا الحدث الجلل وتذهب عنه الموعظة منه فهذه المعرفة لاتقدم ولاتؤخر وإنما يتعامل مع النصوص كما كان يتعامل معها الصحابة .
وهكذا يسلك في كل سؤال وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم