الرقم : 000176 التاريخ : 23- شعبان – 1425 هـ
السؤال : صفة الهرولة هل تثبت لله عز و جل ؟
فلا يثبت على الحقيقة ?
ثبت عن الإمام ابن كتيبة- رحمه الله- انه نفا هذه الصفة يعني نفاها من باب التأويل و قال إنها كناية فيعني كيف نفهم هذا . أنت في أول الكلام قلت أن صفة هذه الصفة صفة الهرولة تعد كناية ثم قلت نثبتها على الحقيقة فكيف أن نجمع بين هذين القولين?
الإجابة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إذا قال الشخص في ذلك ما يقال دائما في الصفات عموما فانه بإذن الله لا يكون قد وقع في إشكال لأنه إذا قال أن الهرولة تثبت لله عز و جل كما يليق بجلاله كما يقول في أية صفة فانه لا ينكر عليه من أي أحد لان الهرولة التي ذكرت في الحديث كما قال الله عز و جل: “إذا أتاني يمشي أتيته هرولة و إذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا” هذا كله على سبيل الكناية و لكن إذا كان الشخص يحيط في صدره أن يقول أن ذلك على سبيل الكناية فلا باس من أن يقول أن ذلك كما يليق بجلال الله عز و جل و الذي يليق بجلال الله عز و جل لا يشابه فعل المخلوقين فإذا قال أن الله عز و جل اثبت لنفسه هرولة تليق بجلاله فهو بحمد الله في جانب آمن و لم يقع في شيء من التشبيه أو الخطأ لأنه قال كما يليق بجلاله. و الله سبحانه و تعالى اعلم.
هذه حقيقة إذا قيل هرولة تليق بجلال الله هي حقيقة و لكنها لا تشبه هرولة المخلوقين, و هرولة الله عز و جل التي في الحديث كناية على قبوله عمل العبد و على تقريبه العبد إياه و مغفرته لذنوبه و نحو ذلك, هذا لا إشكال فيه واضح و لكن كما قلنا أهم شيء انه إذا قال أن هذه صفة لله عز و جل لا بد أن يقول كما تليق بجلاله و أن ينفي مشابهة هذا الأمر لما يفعله المخلوق كأي صفة أخرى تثبت لله عز و جل حتى في الصفات الأخرى صفات المعاني صفات الذات صفات الأفعال كلها نقول فيها كما يليق بجلال الله عز و جل و لا تشبه صفات المخلوقين و أن كان اللفظ ليس مقصودا كما يظن الشخص فمثلا قول الله عز و جل: ” يد الله فوق أيديهم” التي هي من المواضع المشهورة في إثبات صفة اليد لله عز و جل لا احد من أهل العلم أبدا يقول أن المراد من الآية أن هناك أيادي فوق بعضها يد الله فوقها, و لكن الكل يعرف أن المراد بذلك أن الله عز وجل يراقبهم و يعرف ما يفعلون و هو محيط بهم, و لكن لا يقول الشخص أن اليد هنا بمعنى القدرة أو بمعنى المنّة أو نحو ذلك و إنما يقول اليد صفة من صفات الله عز و جل تثبت له كما أثبتها لنفسه و أن كان المعنى متفق عليه.
هذه نقطة بسيطة جدا في مسألة الصفات, و أريد من الإخوة أن ينتبهوا لها انتباه جيد, هناك فرق بين نفي الصفة و فرق بين إثبات المعنى للكلام على ما يدل عليه ظاهره, فمثلا قول الله عز و جل: “فانك بأعيننا” أو قول الله عز و جل: “و لتُصنع على عيني”, هنا إثبات صفة العين لله عز و جل, و لكن ليس المراد من الآية حلول صنع موسى عليه السلام في داخل عين الله عز و جل هذا لا يقول به أي مخلوق عاقل, و لكن المراد بقوله “و لتُصنع على عيني” أي تحت رعايتي و تحت كنفي هذا المراد بقوله “و لتصنع على عين” و لكن لا يعني هذا أن العين هنا معناها الرعاية, و هذا كما يتكلم الناس كما يتكلم العرب إذا قال لك الشخص أنت في عيني يقصد انك في رعايته و في اهتمامه و لا يقصد بذلك انه ليس له عين و كأن كلمة العين يُراد منها الرعاية , فرق بين الأمرين, و كذلك إذا قال لك الشخص إذا مثلا هممت بعمل معين يقول لك يدي في يدك أو أيدينا في يد بعض, لا يريد أن الأيدي تتشابك يبعضها حقيقة, و إنما يريد انه سيدعمك بالمال و يدعمك بالمشورة و نحو ذلك, و لا يعني هذا انه ليست له يد و إنما له يد و أنت لك يد, فإثبات الصفة لله عز و جل تُثبت لأنه أثبتها لنفسه و لكن ليس هذا هو المعنى المراد, فكذلك في هذا الحديث إذا قلنا بإثبات صفة الهرولة لله لان الله عز و جل أثبتها لنفسه فالمعنى المراد هو هذا, فالمعنى المراد هو أن الله عز و جل يسارع إلى عبده بالمغفرة و يسارع إليه في الإكرام و بالإنعام و ليس المراد هرولة كما يتبادر إلى ذهن الشخص من مطلق اللفظة هذا هو الذي أحببت أن انوه عليه.
والله تعالى أعلم .