وضع اليدين على الصدر في الصلاة
من بلايا ما تمر به الأمة في هذه الأيام العصيبة والحرب مستعرة على ثوابت الدين وأصول الإسلام ينبري بعض مرضى النفوس لإحداث تصادم بين أتباع المنهج السلفي وبين أصحاب المذاهب وكأنهما فريقان مختلفان وقرنان متشاكسان
وكان الأولى بهؤلاء النحيب على ماتمر به الأمة من ويلات وأن يبذلوا الأوقات في عظام المسائل وفضح مخططات الأعداء والحرص على تأليف القلوب وتجميعها .
ومن عجائب بعض هؤلاء إثارة موضوع وضع اليدين على الصدر في الصلاة واعتبروا أمر ذلك معركة حمي وطيسها والأمر فيها أهون من الهين وخلاصتها في تأمل ماتفيده كلمة على الصدر ومعرفة أن المصلي لايمسك معه مسطرة يحدد بها مكانا معينا طلب منه وضع يده عليه فمنطقة الصدر منطقة واسعة تشمل لغة الجزء الممتدّ من أسفل العنق إلى فضاءِ الجوف ويليه البطن وهي جزء الكرش الواقع بين الصَّدر والحوض ، وفيه الأحشاء والأمعاء وتتوسطه الصرة
وفي التشريح : الصدر يحوي القفص الصدري وفيه القلب والرئتان ويفصل بينه وبين البطن الحجاب الحاجز
وكلام فقهاء المذاهب يدور بين وضع اليدين تحت السرة وهذا رويت فيه أحاديث هي أضعف ماروي في الباب
وبين وضع اليدين فوق السرة وهذا لايتعارض مع الصدر لأن منطقة الصدر هي فعلا فوق السرة وإن كان بينهما جزء من البطن
وبين وضع اليدين فوق السرة وتحت الصدر وهذه منطقة ضيقة جدا ومشتركة مع الصدر في طرفي القفص الصدري ومن هنا يصح أن يعتبر الواضع ليديه هاهنا واضعا يده على صدره فماقارب الشيء أخذ حكمه وعليه يحمل كل ماورد من الروايات الواردة في وضع اليدين على الصدر وهي أصح ماورد في الباب مع النزاع في أسانيدها لكن لايوجد دليل أقوى منها وهي التي تتوافق مع الحديث الصحيح عن سهل بن سعد وفيه وضع اليد على الذراع وهذا يمتنع فعله عند السرة أو تحتها .
ولذا نص على ذلك الشافعية احتجاجا بحديث الوضع على الصدر
قال في المجموع شرح المهذب:
(فإذا فرغ من التكبير فالمستحب ان يضع اليمين علي اليسار فيضع اليمني علي بعض الكف وبعض الرسغ لما روى وائل بن حجر قَالَ ” قُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ إلَى صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي فنظرت إليه وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى والرسغ والساعد ” والمستحب أن يجعلهما تحت الصدر لما روى وائل قَالَ ” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فوضع يديه علي صدره احداهما علي الاخرى)
أما وضع اليدين على الصدر المنصوص على كراهته فهو محمول على المبالغة في رفع اليدين إلى أعلى الصدر وهذه صورة متكلفة ويمتنع معها أيضا تطبيق حديث سهل وهذه نص على كراهتها في مذهب أحمد لعله لورود آثار فيها لاتصح في تفسير قوله تعالى فصل لربك وانحر.
ومع ذلك فقد نص الأحناف على وضع المرأة يديها على صدرها ولعل ذلك نظرا لوجود الثديين وصعوبة الوضع تحتهما
إذن القول الراجح في المسألة هو وضع اليدين على الصدر كما رجحه المحققون من أهل العلم ورأوا أنه أصح شيء في الباب وعليه أئمة الفقه باعتبار أن الصدر هنا هو بدايته المشتركة مع جزء البطن الواقع فوق السرة وليس الصدربمعنى قرب النحر فإن ذلك متكلف مكروه مذموم والرواية فيه لاتصح .
وكتب محمد بن رزق بن طرهوني
في 19/4/1441 هـ