دارت رحى مناقشة بيني وبين أحد الإخوة على منتدى الحوار على التليقرام بعدما نصحت أحد السائلين بكتاب الشيخ ابن عثيمين في القواعد الفقهية فثارت ثائرة الأخ كيف أدله على كتاب لمرتد كافر فما كان مني إلا أن تلطفت معه وبدأنا نقاشا لإزالة الاستشكالات لديه فانتهينا لمناط من مناطات تكفيره له وهو أنه يجيز الانتخابات فأوقفت الأمر هنا لعدم التشعب ثم كتبت له هذا المقال :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فاستكمالا لحواري مع الأخ الكريم حول الشيخ ابن عثيمين ونظرا لعموم البلوى في وسائل الاتصال بين الإخوة حول هذا الموضوع اضطررت لتحويل الحوار لمقال توجيهي لمن أراد الحق في تلك المسألة لخطورتها البالغة فأقول وبالله التوفيق :
للأسف كثير من الأحبة لم يستفد من وصيتي للأنصار في اللقاء الأخير في نهاية المناظرة وكان تركيزه على خطورة تكفير المعين وضوابط التكفير ومن له حق التكفير وكيفية إقامة الحجة ومن الذي يقيمها مع نقول واستدلالات لمن يفهمها من طلبة العلم وهذا رابطه الصوتي
https://archive.org/details/20190901_20190901_0439
وهذا رابط التفريغ :
https://archive.org/…/37%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A…
ولو استفاد الأخ من اللقاء لما أقدم على تكفير أي مسلم في الأصل وقع في مكفر من وجهة نظره حتى ينظر في استيفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه كما هو إجماع أهل العلم إن كان أهلا لمثل ذلك فضلا عن تكفير عالم فضلا عن تكفير إمام من أئمة الزمان في العلم الشرعي اختلفنا معه أو اتفقنا .
هذه مقدمة يسيرة وأقول :
مشكلتنا ليست شخصية مع الأخ الحبيب .. وليست تشخيصية في ذات الشيخ ابن عثيمين وإنما مشكلتنا مع منهج مؤدلج يسري كالهشيم في عوام أو مبتدئين من طلبة العلم لإسقاط العلماء قاطبة ومن ثم يتخذ الناس رؤوسا جهالا فيضلوا ويضلوا …
ليس الأمر محصورا في ابن عثيمين وابن باز بل هو متعد لكل علماء الزمان حاليا
وليس الأمر في تخطئة هؤلاء العلماء ولا ترك الأخذ منهم بل ولاسبهم والوقيعة فيهم بل في تكفيرهم !!!
ولن يقف الأمر عندهم بل تعدى ذلك لأئمة الإسلام المعتبرين فبالأمس دخل أخ في النقاش حيث قلت الزمخشري يقول بخلق القرآن فهل نكفره ؟ فانبرى الأخ قائلا من قال بذلك كافر كائنا من كان !!
هو يظن أنه هكذا يتجرد للحق ! يا أخانا .. صباحك فل .. ماهذا ؟ أتريد تكفير الزمخشري لأنه قال بخلق القرآن ؟ أين مانع التأول والاجتهاد المجمع عليه بين أهل العلم ؟ أتراك أحطت بما لم يحط به علماء الأمة أجمعون الذين قعدوا أن القول بخلق القرآن كفر وأنت تقتدي بهم ثم تكفر من يعتبرونه هم أنفسهم إماما من أئمة المسلمين ؟
مثال واحد لكي لانطيل : الإمام ابن كثير صاحب أفضل تفسير سلفي منضبط عقديا والتلميذ النجيب لشيخ الإسلام ابن تيمية يفسر كتاب الله بكلام رجل كافر ؟
اسمح لي أخي الفاضل هذا ليس غلوا بل إغراق في الغلو وسقوط مزر في وحل الابتداع الشنيع ومحصلته تكفير علماء الأمة وبقاؤك وحدك أنت الأمة !!!
ياسلام لو أضاف لذلك قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر فهنا لم يبق أحدا مسلما سواه ..
انتبهوا يا أحبة .. لا قول لك أنت في دين الله .. القول قول العلماء الموقعين عن رب العالمين (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) وقد مات الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يبق إلا العلماء .. فأين تذهبون ..
دين علماؤه كفار فبئس الدين هو .. لايمكن أن يكون دينا صحيحا بل بلا شك دين محرف لم يعد يصلح لأن يتعبد الله به ..
اتقوا الله في أنفسكم يا أحبة ولنشرع في المقصود ..
الانتقادات الموجهة للشيخ ابن عثيمين عدة وكان النقاش في إجازته للانتخابات فكان تركيب الأخ هكذا :
الديموقراطية كفر … والانتخابات ديموقراطية فهي كفر .. ومن أجازها أجاز الكفر .. ومن أجاز الكفر كفر .. وابن عثيمين أجاز الكفر فهو كافر
كل هذه المقدمات ونتائجها غير منضبطة علميا
فالمقدمة الأولى هي فقط الصواب وبشرط تحرير معنى مصطلح الديموقراطية عند القائل بها فإن كان يقر بأن معنى الديموقراطية هي تنحية شرع الله وحكم الشعب لنفسه بدلا عن ذلك فهنا الديموقراطية كفر
وهذا يتفق عليه علماء الزمان وأفتوا به ومن بينهم الشيخ ابن عثيمين المتنازع عليه ..
لكن ! من قال إن الانتخابات هي الديموقراطية ؟
الانتخابات وسيلة من الوسائل للوصول إلى الديموقراطية وغيرها ، ومن ذلك إنكار الديموقراطية نفسها ورفضها ومن هنا دخل الأئمة الأعلام فأباحوا الترشح والانتخاب بشروط أساسها أن تؤدي إلى محاربة الديموقراطية وإقصاءها والمناداة بتحكيم شرع الله عز وجل ..
عندما دخل الشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله البرلمان المصري هل كان ليدعو إلى الديموقراطية أم كان يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وحارب من خلاله الدعوة للتلاعب بقوانين الأحوال الشخصية التابعة للشريعة ؟
هل من دخل هذه البرلمانات ليقول لهم نرفض اتفاقية سيداو ولانقبل بإباحة الزنا واللواط ونحو ذلك يدعو للديموقراطية أم يحاربها ؟
خير الكلام ماقل ودل وكثرة الكلام ينسي بعضها بعضا فلانريد الإطالة وبالمثال يتضح المقال ..
إذن العلماء بعلمهم الواسع وخبرتهم بما يسمى مقاصد الشريعة أباحوا الدخول في الانتخابات كوسيلة لدرء مفاسد الديموقراطية ومحاربتها لا لترسيخها والاعتراف بها ..
فهل كان ابن عثيمين هو الوحيد ؟ لاااااا وألف لااااا بل معه علماء الزمان
من أقدمهم الشيخ الإمام أحمد شاكر
ثم الثلاثي الذهبي عند جمهور المسلمين وطلبة العلم ابن باز وابن عثيمين والألباني
عبد الرزاق عفيفي .. مقبل بن هادي الوادعي .. ابن جبرين .. البراك .. علماء اللجنة الدائمة …علماء مصر السلفيين وغيرهم .. علماء المسلمين في المشرق والمغرب من العرب والعجم ..
فهل هؤلاء كلهم كفار وتعمدوا السماح بالكفر وأفتوا به المسلمين ليكفروهم ؟
يا أحبة يوجد شيء يسمى قواعد فقهية ادرسوها لتسلموا إن كنتم طلبة علم وإلا فالزموا حدكم كعوام واسألوا أهل الذكر وفقط لاتتعبوا أنفسكم
الأمور بمقاصدها .. قاعدة
الضرر يزال .. قاعدة
ارتكاب أخف المفسدتين .. قاعدة
الضرورات تبيح المحظورات .. قاعدة
ثم لو سلمنا أن الانتخابات وسيلة للكفر فهل هي في حد ذاتها كفر أم حرام ؟
مثلا ترك الصلاة كفر ولعب الرياضة في وقت الصلاة المستغرق لها وسيلة لترك الصلاة .. فهل لعب الرياضة هنا كفر أم حرام ؟ أي طالب علم يقول : حرام لأنها تؤدي إلى كفر ولا يقول هي كفر ..
الانتخابات بالنسبة للمرشح بكسر المعجمة هي اختيار شخص يمثلني أمام الحكومة ويطالب بحقوقي ..وهذا الأصل فيه أنه مباح وهو ماكان زمن النبوة موجودا في العرفاء الذين ينقلون للنبي صلى الله عليه وسلم رأي الرعية في مايحتاج فيه لرأيهم ..
وبالنسبة للمرشح بفتح الشين هو تقدم من يرى في نفسه الأهلية لتمثيل الناس ليطالب بتلك الحقوق وهو مكروه لكونها ولاية إلا أن يرى أنه لو لم يتقدم هو تقدم الأسوأ وهنا يندب بل يجب في بعض الحالات وهو مانص عليه كثير من أهل العلم .
فأصل ذلك لاحرام ولاكفر ثم ينظر بعد ذلك فيما يترتب عليه ..ولو سلم بحرمته لن يسلم بكفره والحرام محرم لذاته يجوز للضرورة ومحرم لغيره يجوز للحاجة .. والأصول بحر واسع ..
طيب .. لو سلمنا أن الانتخابات كفر ومن أجازها أجاز الكفر فهل من وقع في الكفر كافر ؟؟ هنا نعود لقصة تكفير المعين فنقول اقرؤوا كتابي : تكفير المعين لتعرفوا أن دون تكفير الشيخ وغيره بذلك خرط القتاد بل الشيخ مجتهد متأول فهو إن كان مصيبا في اجتهاده له أجران وإن كان مخطئا له أجر واحد وهو معذور بتأوله فأين المأجور من الكافر فما لكم كيف تحكمون ؟
بقيت كلمة .. ارجع إلى مقالي : من أي صنف أنت ؟ فإن كنت عالما فأبرز لنا تاريخك العلمي فإن صحح تاريخك دعواك قبلنا منك اجتهادك في تكفير الشيخ ثم دعوناك للمناظرة لدحض أدلتك وبيان فساد اجتهادك وأنت عندنا مجتهد مأجور أجرا واحدا لخطئك .
وإن كنت طالب علم فتأدب بأدب طالب العلم واثن ركبتيك عند العلماء وحاول التأمل في أدلتهم وردودهم لتصل إلى الحق بأدلته وإياك أن تخرج عن أقوال العلماء كمن تزبب قبل أن يتحصرم ..
وإن كنت عاميا وقلت بكفر الشيخ فنقول لك سنعذرك في حال واحدة فقط وهي أن تكون قد استفتيت عالما مشهودا له بالعلم وليس الجهاد فالجهاد شيء والعلم شيء آخر بل قد يكون إماما في الجهاد وهو من أجهل الناس في العلم والعكس
أقول : سم لنا العالم الذي أفتاك ( أقول : أفتاك ) بهذا لننظر في أمره ونناقشه أما أنت فإياك أن تدعو لما أفتاك به العالم أو المنافحة عنه أو الرد على من خالفك …أنت فقط يحق لك أن تدين بفتوى هذا العالم لأن هذا حد العامي وليس له في الجدال والمناقشة والمناظرة على فتوى عالمه إنما هذا دور عالمه نفسه ..
ماقلناه في الشيخ ابن عثيمين ينسحب على كل العلماء الذين قالوا بمثل قوله في جل بلاد المسلمين وبضغطة زر في قوقل ستجد أقوالهم فلانطيل بنقل شيء منها ..
وماقيل في هذا الانتقاد للشيخ يقال شبهه في الانتقادات الأخرى ولعلنا نتعرض لكل انتقاد على حدة إذا اقتضى الأمر وبالله التوفيق .
انتهى المقال فإذا بالأخ لم يرفع به رأسا ثم بدأ بالقص واللصق فحصرته في سؤالين هما :
من قال بمثل ماقال ابن عثيمين ممن ذكرت من أئمة الزمان هل هم كفار كذلك ؟
الثاني : من من العلماء أفتاك بهذا أم أنت العالم المفتي ؟
وبعد لأي شديد أجاب بأنهم كلهم كفار بأعيانهم وأنه هو الذي أفتى لنفسه بهذا
وهنا كان جوابي له :
رائع جدا
إذن انت لست في حاجة لمن يفتيك فإما انت عالم وهنا افتتح لك منتدى وأفت الناس
أو عامي متطفل على العلم فعليك بالذهاب للتعلم من غيري
غفر الله لي ولك وفتواي بصفتي محمد طرهوني أنك رأس في الغلو فاحذر ضياع دينك وفي أمان الله .
وبالمناسبة أرفق لكم رسالة لولدي الأرقم كانت بحثا له في المرحلة الثانوية للتعرف على هذا الشيخ الكافر عند هذا الأخ وللحديث بقية في المنشور القادم إن شاء الله
15/11/2019