يهود الغلاة !!!
سبحان الله .. كلما هممنا أن نلتفت لأمورنا المتأخرة .. يظهر لنا ما يرجعنا لما قد فرغنا منه فنضطر آسفين للعودة حرصا على فضح عوار هذه الكائنات السرطانية التي تتغلغل بين الدهماء والجهلة الذين يحسبون كل ورم شحما ..
مصطلح جديد أظن أنني أول من أحدثه وهو ورب الكعبة حقيق أن يلصق بهذه الطائفة المارقة التي مرقت من دين الله ليس كما يمرق السهم من الرمية فهذا الوصف خاص بالخوارج الذين هم أفضل منهم وأضبط دينا وإنما يمرقون من الدين أسرع مما يمرق السهم من الرمية ولاحول ولاقوة إلا بالله ..
هم يريدون الهرب من الكفر فولجوه من أوسع أبوابه بل هم يتنفسونه ليس نهار !!
ما حكم من يقول لأخيه ياكافر بلا وجه حق ؟؟ إنه أولى بالكفر منه كما ثبت في الحديث ولاخلاف في ذلك ..
فتخيل أن صباح ذاك الأزرقي المتهود البغيض ومساه يقول (الطاغوت ابن تيمية المشرك الكافر ) ويقول (نواقض الكافر محمد بن عبد الوهاب قاتله الله) ويصفهما هما ومشايخ الدعوة ومن تبعهم في زماننا بالجهمية العاذرية الكفار المشركين .. فهل سينجو من الكفر ؟؟
وبالأمس القريب أمسك هذا الأزرقي المتهود بآية من كتاب الله إذ وجد أنها تنسف له دينه المبتدع من أساسه أو يلزمه بلا جدال أن يكفر نبي الله موسى !! فلعب بها لعبا فاق فيه حاخامات وأحبار ورؤوس جواليت اليهود .. وهذه شنشنة نعرفها من أخزم ! فكل الفرق الضالة المنحرفة يأتون للآيات التي تخصمهم فيحرفونها من بعد مواضعها ويعبثون في صرف معانيها الواضحة للشمس لمعان أخرى لكي توافق ماسبق في نفوسهم الخبيثة من عقيدة ضالة منحرفة ..
أقول : أمسك بتلك الآية فعبث بمدلولها وهو يعلم علم اليقين أنه دجال محرف لكتاب الله وغفل عن كون تحريف كتاب الله لفظا أو معنى كفرا أكبر مخرجا من الملة ..
قال تعالى : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
قال ابن جرير : و ” الأسف ” شدة الغضب، والتغيظ به على من أغضبه …
قال أبو الدرداء: قول الله: ” غضبان أسفًا “، قال: ” الأسف “، منـزلة وراء الغضب، أشدُّ من ذلك ….
قال ابن عباس: لما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا، فأخذ برأس أخيه يجرّه إليه وألقى الألواح من الغضب….
وقال: لما رجع موسى إلى قومه وكان قريبًا منهم سمع أصواتهم، فقال: إني لأسمع أصواتَ قومٍ لاهين: فلما عاينهم وقد عكفوا على العجل، ألقى الألواح فكسرها وأخذ برأس أخيه يجره إليه.
وقال ابن كثير : إنما ألقى الألواح غضبا على قومه ، وهذا قول جمهور العلماء سلفا وخلفا .
وقال القرطبي : ( قال ابن العربي : وكان موسى عليه السلام من أعظم الناس غضبا ، لكنه كان سريع الفيئة ; فتلك بتلك . قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : كان موسى عليه السلام إذا غضب طلع الدخان من قلنسوته ، ورفع شعر بدنه جبته . وذلك أن الغضب جمرة تتوقد في القلب …)
وروى أحمد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «يرحم الله موسى، ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر منها»
قال ابن جرير : أما قوله: ” وأخذ برأس أخيه يجره إليه “، فإن ذلك من فعل نبي الله صلى الله عليه وسلم كان، لموجدته على أخيه هارون في تركه اتباعه، وإقامته مع بني إسرائيل في الموضع الذي تركهم فيه كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل موسى عليه السلام له: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ؟ حين أخبره هارون بعذره فقبل عذره وذلك قيله لموسى: لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي . وقال: ” يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء “، الآية .
لانريد أن نطيل كثيرا في سياق كلام المفسرين .. والمعنى واضح وضوح الشمس فقد غضب موسى عليه السلام غضبا شديدا عندما رأى قومه قد عبدوا العجل وكان غضبه هذا لله ومن شدة ما اعتراه من الغضب كما وصف الله ذلك بقوله : غضبان أسفا ..أخذ في لوم قومه لوما شديدا وألقى الألواح من يده من شدة غضبه ذلك فتكسر منها ماتكسر بسبب رميه لها ثم توجه لأخيه هارون وهو خليفته عليهم فجره من رأسه ولحيته بيديه وأخذ في لومه كذلك ولكنه استعطفه بما بينهما من أخوة وبأن فعله هذا به يشمت به الأعداء وبين له وجهة نظره فرق له موسى واستغفر له معه وهدأ غضبه فأخذ ما تبقى من الألواح …الخ القصة .
فعمد هذا الأزرقي المتهود لتلك الآية لأنها تلزمه بتكفير موسى عليه السلام إذ فعل في نظره كفرا أكبر لو اعترف برميه الألواح ثم فعل كفرا أكبر آخر لو اعترف بتعنيفه لنبي آخر بسحبه وجره من لحيته ورأسه وهو لا ينظر في الفعل ودلالته والشروط والموانع وأن ليس كل إلقاء لكتاب الله يكون كفرا ولا كل ما يظن أنه إهانة للأنبياء يكون إهانة وهذا يفهم من السياق ويدركه العلماء ..وقد تكلمنا عن تلك الحادثة في كتابنا القصف المقنن على مكفر المعين دون شروط وموانع فلا حاجة للإعادة..
نقول : عمد الأزرقي المتهود للآية فأوهمنا أن موسى عليه السلام في شدة غضبه ذلك وفي صحراء سيناء تلفت حوله يبحث عن طاولة نظيفة طاهرة ليضع الألواح المقدسة على ما يليق بها من مكان نظيف مرتفع ( لأن الإلقاء عنده هنا معناه الوضع كما هو في اللغة أحيانا) وذلك ليفرغ يديه ( ولاندري لماذا يفرغ يديه فقد كان يستطيع الكلام وهي في يده ) ولكن سبحان الله للأسف تزحلقت الألواح دون قصد من موسى فوقعت وتكسر بعضها بسبب ذلك وليس بسبب الرمي من شدة الغضب .. ثم توجه موسى عليه السلام في غضبه العارم هذا لأخيه يعاتبه في رفق ولين فأخذ يمسح بلحيته تكريما له أو حسب العادة وهو يخاطبه (ولا ندري لماذا يلومه هارون على أخذه بلحيته وبرأسه ؟ ولماذا يستعطفه بقول ابن أم ؟ ولماذا هذا الفعل الرائع سيشمت به الأعداء ؟ )
انتهى الفيلم الرومانسي الذي ألفه الأزرقي المتهود وحرف به معنى كتاب الله ليخدع به الجهلاء أتباعه ويصرفهم عن وجوب النظر في أي فعل قبل الحكم على صاحبه في الشروط والموانع .. ودمتم بخير