إشكال في ليلة القدر
وصلني إشكال وجيه يتعلق بتلك الليلة المباركة أنقله لكم ثم أجيب عنه :
كتبت إحدى الأخوات قائلة :
انا عندي سؤال على قدي هو ليلة القدر تختلف من بلد لبلد ولا هي ليلة وحدة لكل البلدان الشمس عندنا مختلفة تماما عن عندكم سبحان الله .ا.هـ
وهذا الاستشكال من الأخت يلحقه استشكالات أشد فنقرر أولا أمورا :
حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبله كلام الله في القرآن وكل التشريعات في الأصل إنما يخاطب من هم زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويعيشون معه في نفس مكانه بل وتخاطب الرجال منهم أصالة ثم بعد ذلك يلحق بهم بقية الأمة في زمنه وبعده إلى قيام الساعة مع مراعاة الفوارق .
من فهم هذه الجزئية زالت عنه إشكالات أحاديث القبلة وتوقيتات الصلوات ودخول الشهور وخروجها والصيام والحج ونزول الله في الثلث الأخير من الليل ونحو ذلك
ومما يتعلق بذلك موضوعنا
فكون ليلة القدر في رمضان ثم في العشر الأواخر ثم في الوتر منها ثم علاماتها من طلوع الشمس بيضاء ونحو ذلك متعلق بأهل المدينة في زمنه صلى الله عليه وسلم
فمثلا شهر رمضان يدخل عند أهل المدينة في يوم ما ولازال محاق شعبان موجودا في بلد أخرى فمن يرى أن ليلة القدر في كل رمضان وهو قول مرجوح يعني أنها ستكون في شعبان في بلد أخرى لو كانت في أول رمضان في المدينة!!
ومن كانت ليلة القدر في المدينة هي ليلة عشرين من رمضان فقد تكون هي ليلة الثامن عشر أو التاسع عشر في بلد أخرى
ومن كانت ليلة القدر وترا في المدينة فهي شفع في بلد أخرى
بل من كانت ليلة القدر قائمة في المدينة فساعتئذ هي رابعة أو رائعة النهار في بلد أخرى
وإذا طلعت الشمس بيضاء نقية في المدينة فهي في كبد السماء حمراء حارقة في بلد أخرى !!! وهي غائبة تماما منذ شهور في بلد أخرى !! وأما في بلد ثالثة فالقمر ينير السماء بدلا منها !!!
والمسلم الذي يقوم الليل ويتهجد ويتضرع في ليلة القدر في المدينة يقابله مسلم آخر يتقرب إلى الله بتحمل الصيام والعطش منتظرا أذان المغرب بعد ساعات ليفطر !!
ولذا نقول : على المسلم أن يجتهد في بلده التي يعيش فيها بقدر مايستطيع وليس لفضل الله حدود فنحن لانعرف كيفية تنزل الملائكة ولا مدة نزولهم ولاتفاوت ذلك وتعلقه ببقاع الأرض المختلفة وكما قال تعالى : لن ينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منكم .
فمن اجتهد لتحصيل ليلة القدر سوف يؤتاها يقينا بفضل الله إذا علم الله منه الصدق والعزيمة ..
وكل عام وأنتم بخير