أصل هذا المقال تعقيب على فتوى للشيخ الفوزان وقد نشر التعقيب في منتديات المشكاة آنذاك وهذا هو رابط التعقيب
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=28057
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
فقد أطلعني بعض الأفاضل على رد لأحد المشايخ _ وذكر أنه من العلماء وقيل إنه يحرم الأناشيد الإسلامية _ على أحد طلبة العلم يدعى أحمد يدافع عن جوازها ، وقد وجدت في هذه الردود كلاما عجيبا ومنهجا غريبا بعيدا عن المنهج العلمي فلزم التنبيه .
وهذا نص جواب الشيخ مع لفت النظر إلى أن الرد لا يتعلق بشخصية الشيخ من قريب أو بعيد وإنما الرد على الكلام مهما كان قائله سواء عرفناه أم لم نعرفه مع ملاحظة أن كلام الشيخ في نهايته يدلل على أنه لا يحرم الأناشيد وإنما يمنع من بعض ما يتعلق بها كتسميتها والتجارة فيها ونحو ذلك فليتنبه .
قال الشيخ :
وجوابنا من وجوه:
الوجه الأول: أن هناك فروقاً واضحة بين ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية وبين ما رخص فيه الشارع من الحداء في السفر والارتجاز عند مزوالة الأعمال الشاقة، وإنشاد الأشعار التي فيها مدح الإسلام ، وذم الكفر وهجاء المشركين ، مع وجود هذه الفروق لا يصح إلحاق هذه الأناشيد بتلك الأشياء والفروق كما يلي:
الحداء في السفر ، والارتجاز عند الضجر ، وإنشاء الشعر المشتمل على مدح ا لإسلام وذم الكفر وهجاء الكفار لايسمى نشيدا إسلامياً – كما تسمون نشيدكم بذلك ، وإنما يسمى نشيداً عريباً إذاً فبينهما فرق من جهة التسمية والحقيقة .
قال الطرهوني :
لا مشاحة في الاصطلاح ولنخرج من هذه النقطة نسميها أناشيد عربية تنزلا .
ولكني مع وضوح بطلان هذه النقطة من أساسها ألمح للشيخ بالمسميات مثل الجامعة الإسلامية ووزارة الشئون الإسلامية و…. وأين علماء الأمة قاطبة عن استنكار مثل هذه المسميات ثم ألفت نظره لأسباب النسبة في اللغة وهي بدهيات عند صغار الطلاب والعجب كيف صدر هذا الكلام من هذا الشيخ . وكل ما يجيزه الإسلام أو يدعو إليه يصح أن ينسب إليه فما كان فيه حث على الجهاد في سبيل الله فهو إسلامي وما كان فيه حث على العبادة وطاعة الله فهو إسلامي وما كان فيه ترهيب من المعصية أو تذكير بالآخرة والموت أو ذم لأعداء الله فهو إسلامي سواء أكان نثرا أم شعرا .
قال الشيخ :
إن الحداء إنما يباح في السفر لأجل الحاجة إليه في السير في الليل ، لطرد النعاس ، واهتداء الإبل إلى الطريق بصوت الحادي ، وكذا الارتجاز عند مزوالة الأعمال الشاقة ، كالبناء ونحوه، أُبيح للحاجة بصفة مؤقته ، وبأصوات فردية لا أصوات جماعية.
قال الطرهوني :
كلمة يباح لأجل الحاجة إنما تطلق فيما كان الأصل فيه التحريم ولا أدري من أين له بالأصل المزعوم ودونه قلل الجبال والعجيب أن الشيخ كأنه لم يسمع عن شيء يسمى تحقيق المناط وإلا فيمكن لأحدهم أن يدعي أن الحداء لا يجوز إلا في الليل مثلا أو أنه يشترط أن يكون للإبل خاصة أو عند التوجه لمكة مثلا ولا ادري ما الفرق بين البناء مثلا وقيادة السيارة أو الطبخ أو أي عمل يريد أن يرتجز عنده وهل من شرط جواز الارتجاز أن يكون مع عمل ؟؟ أين تنقيح المناط وتحقيقه ياشيخ . والله إن هذا الكلام أضحوكة .
ثم ادعاء أن الحداء لاهتداء الإبل من أبطل الباطل وما هي العلاقة بين اهتداء الإبل والحداء ؟؟؟؟؟؟
ثم يظهر أن الشيخ عهده بعيد بالنصوص الشرعية الواردة وإلا لما ادعى هذه الدعوى العريضة في أنه بأصوات فردية لا جماعية ومراجعة طفيفة للنصوص يعكس هذا الكلام تماما .
وأيا كان فطرد النعاس مع التسليم لهذه العلة تنزلا ليس بأولى من علل أخرى لمن يريد السماع وماذا يضيره لو نعس وهو على ظهر بعيره بل هذا أمر محمود ولا حاجة لدفعه أصلا .
والحقيقة أن حداء الإبل لكي تسرع في السير بسبب طربها بالصوت العذب الجميل ولذا قال النبي صلى الله عليه و سلم رويدا سوقك بالقوارير يعني النساء قيل لخشية الفتنة وأنا أستبعده وقيل لأن السرعة إذا زادت تؤذي المرأة في هودجها وهو الصواب .
قال الشيخ :
وما تسمونه بالأناشيد الإسلامية يختلف عن ذلك تماماً ، فهو يفعل في غير الأحوال التي يفعل فيها النوع الأول ، وبنظام خاص وأصوات جماعية منغمة وربما تكون أصوات فاتنة ، كأصوات المردان وحدثاء الأسنان من البنين والبنات ، والأصل في الغناء التحريم ، إلا ما وردت الرخصة فيه.
قال الطرهوني :
من الطبيعي جدا أن يكون الحادي أو غيره حسن الصوت جميل النغمة وإلا فالآذان في غنى عن سماع ما يؤذيها واختيار النبي صلى الله عليه و سلم لأنجشة لحسن صوته وجمال نغمته وكذا اختياره لسلمة بن الأكوع ولابن رواحة وغيرهما .
ونحن نقول لك لا يختلف عن ذلك تماما بل يتفق معه تماما وهذه كلها دعاوى لا أزمة لها وسماع القرآن من المردان أو ممن تخشى فتنته ممتنع أيضا وعندما نتكلم عن حكم معين لابد من تجنيب الملابسات الأخرى وتجريده منها وتحرير موضع النزاع . فنزاعنا في الأناشيد من حيث هي فلا يتأتى بحثها إذا كانت من امرأة أجنبية أو تصحبها موسيقى أو نحو ذلك .
قال الشيخ :
أن الحداء والارتجاز وإنشاء الشعر الذي جاء الدليل بالترخيص فيه بقدر معين وحالة معينة لا يأخذ كثيراً من وقت المسلم ، ولا يشغله عن ذكر الله ، ولا يزاحم ما هو أهم.
أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية ، فقد أعطي أكثر مما يستحق من الوقت والجهد والتنظيم ، حتى أصبح فناً من الفنون يحتل مكاناً من المناهج الدراسية والنشاط المدرسي ، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت ، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات حتى شغل كثيراً من وقتهم ، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم والسنة النبوية والمحاضرات والدروس العلمية المفيدة.
فأين هذا من ذاك ؟
ومعلوم أن ما شغل عن الخير ، فهو محرم وشر.
قال الطرهوني :
هذا كله لا مجال له من النظر الشرعي ولا يوجد شبهة دليل في المنع مما شغل عن الخير فضلا عن القول بالتحريم فكم من أمور منعت من خير وليست محرمة قطعا فالنوم مثلا يمنع من خير كثير وهو مباح وإنفاق المال على المباحات يمنع من التصدق به وإنفاقه في الجهاد مثلا وهلم جرا …
وما زالت نغمة حالة معينة وقدر معين تفتقر لدليل حقيقي ثم كثير من المباحات تشغل عن الذكر وأيضا الكثير يزاحم ما هو أهم وكل هذا ليس بمحرم إجماعا ولولا أن هذا الكلام نسب لعالم لما كان هناك معنى للرد عليه .
ثم تسجيل المباح وبيعه وشغل الناس به لا رائحة لنص يمنع منه ووالله إني لأعجب من هذا الفقه الجديد وهل ما يملأ الأسواق من ملابس وأطعمة وما شابهها يوجد ما يمنع منه ؟
قال الشيخ :
الوجه الثاني : أن محاولة تسويغ تسمية هذه الأناشيد بالأناشيد الإسلامية محاولة فاشلة ، لأن تسميتها بذلك يعطيها صبغة الشرعية ، وحينئذ نضيف إلى الإسلام ما ليس منه.
وقول أخينا أحمد :” إن هذه التسمية لأجل التمييز بينها وبين الأناشيد والأهازيج المحرمة ” قول غير صحيح، لأنه يمكن التمييز بينها بأن يقال : الأناشيد المباحة، بدلاً من الأناشيد الإسلامية ، كغيرها من الأشياء التي يقال فيها : هذا مباح ، وهذا محرم ولا يقال هذا إسلامي ، وهذا غير إسلامي، ولأن تسميتها بالأناشيد الإسلامية تسمية تلتبس على الجهال ، حتى يظنوها من الدين ، وأن في استماعها أجراً وقربة.
وقول الأخ أحمد” إن هذه التسمية من المصطلحات الحديثة ، مثل الحضارة الإسلامية ، والعمارة الإسلامية”
نقول له : النسبة إلى الإسلام ليست من الأمور الاصطلاحية ، وإنما هي من الأمور التوقيفية ، التي تعتمد على النص من الشارع ، ولم يأت نص من الشارع بتسمية شيء من هذه الأمور إسلامياً ، فيجب إبقاء الشعرعلى أسمه الأصلي ، فيقال: الشعر العربي ، والأناشيد العربية ، وأما تسمية العمارة والحضارة بالإسلامية ، فهي تسمية الجهال ، فلا عبرة بها ، ولا دليل فيها.
قال الطرهوني :
هذه دعاوى عريضة ولا أدري من أين أتى الشيخ بأن النسبة إسلامي توقيفية ما الدليل على ذلك ومن سبقه من أهل العلم بهذه الدعوى التي لا معنى لها ؟ إذا كان ترتيب سور القرآن اختلف العلماء هل هو توقيفي أم اجتهادي وهو كتاب الله وإلى يومنا نتباحث في هذا الأمر فكيف بلفظة يمكن أن تطلق على كل ما يتعلق بالإسلام فيقال دولة إسلامية ووزارة إسلامية وجامعة إسلامية ومؤتمر إسلامي ومدرسة إسلامية وأدب إسلامي وإعلام إسلامي وإغاثة إسلامية وتسجيلات إسلامية …إلخ .
ورحم الله من مات من المشايخ الذين توارد عليهم هذه التسميات واستخدموها فهل هم من الجهال ؟؟؟ ثم ما زال أهل العلم إلى الآن يسمونها كذلك وهذه الكلمات أربأ بالمشايخ وأهل العلم أن يتلفظوا بها لتمرير كلامهم والطعن في مخالفيهم .
قال الشيخ :
الوجه الثالث: أن تفريق الأخ أحمد بين ما يسميه بالأناشيد الإسلامية وبين أناشيد الصوفية تفريقٌ لا وجه له ، لأن بإمكان الصوفية أن يدعوا في أناشيدهم ما تدعونه في أناشيدكم من الفائدة ، والترغيب في الخير، والتنشيط على العبادة والذكر ، فكما أنكم تدعون أن في أناشيدكم الحث على الجهاد ، وأنها كلام طيب بصوت حسن ، وفيها مدح الإسلام وذم الكفر… إلى غير ذلك، فيمكنهم أن يقولوا مثل ذلك في أنا شيدهم.
وقولكم:” إن أنا شيد الصوفية لا تخلو من الآلة التي تقرن بتلحين الغناء” .
هذا فارق مؤقت ، فربما يأتي تطوير جديد لأناشيدكم يدخل فيه استعمال الآلة فيها، وتسمى موسيقى إسلامية ، أو دف إسلاميي، ويزول الفارق عند ذلك ، كما ورد أنه في آخر الزمان تُغير أسماء بعض المحرمات ، وتستباح ، كاسم الخمر ، واسم الربا… وغير ذلك.
قال الطرهوني :
العبرة بالمضمون لا بصاحبه فلو غير الصوفية ما يقولونه وتركوا ترهاتهم فعملهم غير مرفوض في هذه الحال كما أن النسبة مردودة إذا كانت بمعزل عن الحقيقة وهذا الكلام لا يغير شيئا في حكم الأناشيد فالصوفية أيضا لهم اجتماعات يمكن أن يشبهونها بمجالس العلم فهل نمنع مجالس العلم لذلك ؟ ويسمون شركياتهم ذكرا فهل نحظر إطلاق اسم الذكر على ما يصح أن يطلق عليه لأجل ذلك ؟
قال الشيخ :
فالواجب على المسلمين سد هذه الأبواب ، والتنبيه، والتنبيه للمفاسد الراجحة والوسائل التي تفضي إلى الحرام، والتنبيه كذلك لدسائس الأعداء في الأناشيد وغيرها.
قال الطرهوني :
فالواجب على الشيخ وأمثاله ألا يتسرعوا في الفتوى والقول على الله بلا دليل وتحريم ما احل الله من حيث لا يشعرون وألا يضيقوا على المسلمين ويحرجوهم في دينهم وأن ينشغلوا بما هو أهم من تحذير من المحرمات المسلم بها ومن الأعداء المحيطين بنا من كل جانب وتبيين دسائسهم الحقيقية فوالله إن الأعداء لا يدسون في الأناشيد وإنما أخشى أنهم يدسون في الفتاوى التي تخدم أغراضهم من تعطيل للجهاد ومحاربة لكل ما يحث عليه ويبعث الشجاعة في النفوس مثل هذه الأناشيد المباركة وأن يحمدوا الله تعالى أن وفق شبابنا للانشغال بمثل هذا الخير مع ما حولهم من فتن تنشر بمرأى ومسمع من ولاتهم وعلمائهم ولا رادع يردع عنها وأن يحترموا من سبقهم ومن وافقهم ممن امتدحوا هذه الأمور وأثنوا عليها خيرا .
قال الشيخ :
ونحن لا ننكر إباحة إنشاد النزيه وحفظه ، ولكن الذي ننكره ما يلي :
1-ننكر تسميته نشيداً إسلامياً.
2-ننكر التوسع فيه حتى يصل إلى مزاحمة ما هو أنفع منه.
3-ننكر أن يجعل ضمن البرامج الدينية ، أو يكون بأصوات جماعية ، أو أصوات فاتنه.
4-ننكر القيام بتسجيله وعرضه للبيع، لأن هذا وسيلة لشغل الناس به. ووسيلة لدخول بدع الصوفية على المسلمين من طريقة، أو وسيلة لترويج الشعارات القومية والوطنية والحزبية عن طريقه أيضاً.
قال الطرهوني :
الحمد لله أن الشيخ في النهاية لم يحرم الأناشيد ولكن نقول له :
ننكر أن يقال في هذه الأمور ننكر لأن الإنكار يكون في المحرم والتسمية لا مشاحة فيها ولا دليل على تحريمها والمزاحمة يقال إن الأولى ولا يقال ننكر وجعلها ضمن البرامج الدينية وبأصوات جماعية وبأصوات جميلة هو السنة لأن ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه إن لم يدرج في البرامج الدينية فما الذي يدرج ؟ وأما كلمة فاتنة فنعم ننكر ذلك كما ننكره أيضا في القرآن وفي الحديث وفي كل شيء لأن الفتنة محرمة . وأما القيام ببيعه فهو خير عظيم وإلا فكيف يصل للناس ولو منع هذا فليمنع بيع سائر المباحات وأما ترويج الشعارات القومية فهو عند من يقول أناشيد عربية وشعر عربي … إلخ
قال الشيخ :
وأخيراً ، نسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين لما هو أصلح وأنفع لدينهم ودنياهم ، نقول ما قاله الإمام مالك بن أنس رحمه الله:
” لا يصلح آخر هذه الأمة إلى بما صلح به أو لها”وذلك باتباع الكتاب والسنة ، والاعتصام بهما ، لا بالأناشيد والأهازيج والترانيم والله ولي التوفيق .
قال الطرهوني :
نقول : بارك الله فيك ومما صلح به أول هذه الأمة عدم التضييق على المسلمين بلا دليل ولا مانع أن يقول لك قائل فقد صلح سلف الأمة بلا جامعات ولا مدارس ولا شهادات ماجستير ودكتوراه ولا ندوات علمية ولا محاضرات ولا أشرطة تسجيل ولا وسائل إعلام بأنواعها المختلفة فياليت من يحظر الأناشيد ينظر حوله لدقيقة واحدة ليعلم تناقضه الشديد والله الموفق .
هذا ما كتبته على عجالة وقد تعرضت لحكم الأناشيد في هذا الرابط عند شرح ما ورد فيها في كتاب الجهاد من صحيح البخاري فها هو لمن أراد أن يراجعه
http://www.tarhuni.com/DAWRA3.HTM
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم