ارحموا العوام .. شهر رجب له خصوصياته ..
#التفكير_بصوت_مسموع
الحلقة السادسة :
ليلة الأربعاء 3 رجب 1444هـ
تمر الأمة ببلايا وأمور يشيب لها الولدان فلايهتم كثير من المحبين للخير بدفعها والتحذير منها .. وما أن يأتي أمر اعتاده العامة وله وجهة شرعية وإن شابه بعض البدع انتفض الأثير وضجت الحسابات بالشجب والنكير!!
انحلال وفجور وفساد وإفساد ممنهج ينتشر حتى وصل لأطهر بقاع الأرض .. دعوات وتخطيطات لمسخ فطرة الناس وخصوصا الأطفال بالشذوذ والنحراف الجنسي.. اختطاف وسبي وقتل وبيع لأولاد المسلمين في الغرب .. هجمات نسوية منحرفة تستهدف نساء الأمة وتتلاعب بعواطف المرأة .. دعاة على أبواب جهنم يتسنمون وسائل الإعلام لتحريف الدين وتخريب العقائد .. محاولات طعن وتشويه لمصادر الدين من كتب الحديث والعلماء الأكابر .. ناهيك عن خيانات الحكام وما يتعلق بها ..إلى غير ذلك من مهمات المسائل ..
دخل شهر رجب الفرد .. رجب الأصم.. رجب مضر.. إلى آخر ثمانية عشر اسما تخصه لشرفه وعظم قدره ذكرها الحافظ ابن حجر في رسالته : تبيين العجب بما ورد في شهر رجب ..
فأرسل لي أحد العوام هذا السؤال بالأمس :
السلام عليكم شيخنا حكم الصيام في شهر رجب ؟
فأجبته :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته من أفضل الصيام وهو سنة .
فإذا به يرسل لي هذه القصاصة التي هنا في المقال ..فأرسلت له بعض الروابط لما يوافق كلامي ومايدلل على وجود إفراط وتفريط في المسألة ..
فأولا نقول : إن فضل شهر رجب واختصاصه بخصوصيات أمر مسلم به عند علماء الأمة والسلف الصالح من الصحابة والتابعين بل هو بدهي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن سبب كثرة صومه في شعبان : ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ..
وذلك لأن الصوم في رجب ورمضان أمر من المسلمات وهو من السنن الثابتة
قال ابن حجر تعليقا على هذا الحديث : فهذا فيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان. لذلك كان يصومه. وفي تخصيصه ذلك بالصوم – إشعار بفضل رجب، وأن ذلك كان من المعلوم المقرر لديهم .ا.هـ
بل إن صيام الناس في رجب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان مشهورا وقد حثهم على صوم شعبان إذ يغفلون عنه كما تقدم في الحديث
فروى عبد الرزاق عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم : ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يصومون رجباً، فقال: «أين هم من شعبان؟».
وروى أزهر بن سعيد الجمحي عن أمه أنها سألت عائشة عن صوم رجب، فقالت: «إن كنتِ صائمة فعليك بشعبان»
وأسنده الحافظ ابن حجر مرفوعاً في رسالته . وقال ابن رجب : الموقوف أصح .
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عثمان بن حكيم الأنصاري قال سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب ونحن يومئذ في رجب فقال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم .
وعن أبي قلابة الجرمي قال : “في الجنة قصر لصوام رجب”
قال البيهقي: أبو قلابة من كبار التابعين لا يقول مثله إلاَّ عن بلاغ .ا.هـ
ويشهد لذلك أنه من الأشهر الحرم المسنون صيامها لحديث الباهلي : قال صلى الله عليه وسلم: صم من الحرم واترك. صم من الحرم واترك. فقال: بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها.
قال ابن حجر : ففي هذا الخبر – وإن كان في إسناده من لا يعرف – ما يدل على استحباب صيام بعض رجب، لأنه أحد الأشهر الحرم.ا.هـ
ومن لايعرف هو صحابي أو صحابية على الأرجح وهو مما لايطعن في الحديث وقد رواه أبو داود وسكت عنه فهو صالح عنده .
وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها، منهم ابن عمر، والحسن البصري ، وأبو إسحاق السبيعي، وقال الثوري: الأشهر الحرم أحبُّ إليَّ أن أصوم فيها .
وقد استحب جمهور الفقهاء صيام الأشهر الحرم
وقد وصل الأمر ببعض السلف أنهم كانوا يصومون شهر رجب كله فكره ذلك علماؤهم وأنكروا ذلك عليهم حتى لايشبه رمضان .
قال ابن حجر : روينا في كتاب أخبار مكة للفاكهي بإسناد لا بأس به عن ابن عباس أنه قال: لا تتخذوا رجبا عيدا ترونه حتما مثل رمضان إذا أفطرتم منه صمتم وقضيتموه . وقال عبد الرزاق في مصنفه: كان ابن عباس ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيدا وإسناده صحيح
وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يضرب أكفّ الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام، ويقول: ما رجب! إن رجباً كان يعظمه أهل الجاهلية، فلما كان الإسلام ترك؛ وفي رواية : كره أن يكون صيامه سنة .
قال ابن حجر: فهذا النهي منصرف لمن يصومه معظما لأمر الجاهلية، أما من صامه لقصد الصوم في الجملة من غير أن يجعله حتما أو يخص منه أياما معينة يواظب على صومها أو ليالي معينة يواظب على قيامها بحيث يظن أنها سنة، فهذا من فعله مع السلامة مما استثنى فلا بأس به .
وعن أبي بكرة أنه رأى أهله يتهيأون لصيام رجب بسلال جدد وكيزان ، فقال لهم: أجعلتم رجب كرمضان؟ وألقى السلال وكسر الكيزان.
وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياماً
وكرهه أنس أيضاً وسعيد بن جبير، وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري، والإمام أحمد وقال : يفطر منه يوماً أو يومين .
قال النووي رحمه الله في المجموع: (قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وأفضلها المحرم ) أهـ.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (وَ) نُدِبَ صَوْمُ (الْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ فَرَجَبٌ فَذُو الْقَعْدَةِ وَالْحِجَّةِ .
وقد شنع العز بن عبد السلام على من نهى الناس عن صيام رجب، كما نقل ذلك عنه ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى
وقال الهيتمي : … وأما استمرار هذا الفقيه على نهي الناس عن صوم رجب فهو جهل منه وجزاف على هذه الشريعة المطهرة فإن لم يرجع عن ذلك وإلا وجب على حكام الشريعة المطهرة زجره وتعزيره التعزير البليغ المانع له ولأمثاله من المجازفة في دين الله تعالى .ا.هـ
ونلفت النظر إلى أن الخلاف بين أهل العلم ليس في استحباب صوم الكثير من شهر رجب وإنما اختلف أهل العلم في حكم صيام شهر رجب كله :
فذهب الجمهور من حنفية ومالكية وشافعية وهو قول في مذهب الحنابلة إلى استحباب صيام شهر رجب كله
وذهب الحنابلة في القول الآخر إلى كراهة إفراد شهر رجب كله بالصوم دون سائر الشهور , وتزول الكراهة عندهم بفطر يوم منه أو يومين أو بصيام شهر آخر إضافة إليه .
قال ابن رجب الحنبلي : تزول كراهة إفراد رجب بالصوم (أي كله ) بأن يصوم معه شهراً آخر تطوعاً عند بعض أصحابنا، مثل أن يصوم الأشهر الحرم، أو يصوم رجب وشعبان .ا.هـ
والمنصوص عند أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر .
وهناك مبحث جيد استقصى كلام الفقهاء في صيام رجب هذا رابطه لمن أراد التوسع :
https://almostaneer.com/…/%D8%B5%D9%88%D9%85-%D8%B4%D9…/
وهناك أحاديث أخرى ضعيفة لانطيل بذكرها في فضل صيام رجب أو الشهور الحرام وننبه أن جل الأمة تأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ولذا فلا يجوز النكير على العامة في أمر جل الأمة تقرره
قال ابن حجر : اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف، ما لم تكن موضوعة. وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا، وأن لا يشهر بذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة. ا.هـ
إذن أول خصوصية هي : فضيلة الإكثار من الصوم فيه
الخصوصية الثانية :
اختصاص رجب بأفضلية العمرة فيه :
وهذا أمر اشتهر بين السلف بل جزم ابن عمر رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وقد خطأته عائشة رضي الله عنها وكان الصواب معها
وممن نقل عنه أنه خص رجب بالاعتمار فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وولده ابن عمر والخليفة الراشد عثمان بن عفان وأم المؤمنين عائشة ونقل الإمام ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه
أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن حاطب قال: (( اعْتَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي رَجَبٍ )).
وأخرج أبو محمد الخلال بسند صحيح في “فضائل شهر رجب” عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: (( كَانَ ابْنُ عُمَر يُعْجِبُهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي رَجَبٍ، شَهْرٍ حَرَامٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ السَّنَةِ )).
وأخرج ابن وهب في “جامعه” عن ابن عمر: أنه كَانَ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ وَيَهْدِي .
وروى ابن سعد عن نافع، قال: (( كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدَعُ عُمْرَةَ رَجَبَ )).
وأخرج ابن أبي شيبة وابن وهب والبيهقي في سننه بسند صحيح عن سعيد بن المُسيِّب أن عائشة كانت تَعْتَمِرُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي رَجَبٍ، تُهِلُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ
وأخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن الأسود بن يزيد أنه كَانَ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ .
وأخرج بإسناد صحيح عن أبي إسحاق السبيعي، وسُئِل: عن عُمرة رمضان؟ فقال:
(( أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَعْدِلُونَ بِعُمْرَةِ رَجَبٍ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُونَ الْحَجَّ )).
وأخرج بسند حسن أن الْقَاسِم بن محمد كان يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ
واخرج الفسوي في “المعرفة والتاريخ” بسند حسن عن أيوب السختياني أنه كانَ يَعتمِر في رجَبٍ ثم يرجعُ يحُجُّ مِن عامِه
وفي “مختصر الواضحة” ونقله ابن فرحون: أفضل شهور العمرة رجب ورمضان، انتهى… وقد استمر عمل الناس اليوم على الإكثار منها في رجب وشعبان ورمضان وبعد أيام مِن آخِر الحَجَّة.اهـ
وقال المُلَّا علي القاري الحنفي في رسالته المسماة “الأدب في رجب”: رُوي أنَّ ابن الزُّبير لمَّا فرَغ مِن تجديد بناء الكعبة قُبيل سبعة وعشرين مِن رجب نَحَر إبلًا وذبح قرابين وأمَر أهل مكة أنْ يعتمروا حينئذ شكرًا لله تعالى على ذلك، ولا شكَّ أنَّ فِعل الصحابة حُجَّة، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، فهذا وجه تخصيص أهل مكة العُمرة بشهر رجب.اهـ ونقله ابن عابدين
ونقل ابن العطار الشافعي وهو من علماء القرن السابع في كتابٍ “حكم صوم رجب وشعبان” عن أهل مكة كثرة الاعتمار في رجب وقال :
وأمَّا تقصُّد العمرة في شهر رجب، واستحسان فِعلها فيه، فأصله وسبب اشتهاره بين الناس في الأمصار منذ قرون طويلة هو ما تقدَّم مِن آثار ثابتة عن السَّلف الصَّالح مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم.ا.ه
أقول ولازال العمل على ذلك في بلاد المسلمين كافة وأصل ذلك من أيام الجاهلية وجاء الإسلام بإقرار ذلك إذ لم يرد نهي عنه
وفي حديث وفد عبد القيس المتفق عليه قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّا لا نَسْتَطِيعُ أنْ نَأْتِيكَ إلَّا في الشَّهْرِ الحَرامِ، وبيْنَنا وبيْنَكَ هذا الحَيُّ مِن كُفّارِ مُضَرَ ..الحديث
ولذا كان يسميه النبي صلى الله عليه وسلم : رجب مضر ، ونُسِبَ إلى قَبيلةِ مُضَرَ؛ لأنَّها كانت تُحافِظُ على تَحْريمِه أشدَّ مِن مُحافَظةِ سائرِ العرَبِ، ولم يكُنْ يَستَحِلُّه أحَدٌ مِنَ العرَبِ .
الخصوصية الثالثة :
الذبح فيه وهو مايسمى العتيرة .. وقد ذهب بعض العلماء إلى مشروعية ذلك والراجح نسخه وقد كان مقررا في الجاهلية :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا فرع ولا عتيرة)) أخرجاه في الصحيحين
ولكن قال ابن سيرين بأنها مستحبة ، وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة، ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين، ونقل حنبل عن أحمد نحوه
واعتبروا أن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب .
واستندوا في مشروعيتها إلى أحاديث منها :
عن نبيشة الهذلي قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال: ((اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا الله عز وجل وأطعموا))
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه وسكت الذهبي وصححه الألباني
وعن مخنف بن سليم قال: كنا وقوفاً مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول: ((يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية))
أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني .
وعن أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي قال: قال يا رسول الله إنا كنا نذبح ذبائح في الجاهلية في رجب فنأكل ونطعم من جاءنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس به))
رواه النسائي، والدارمي، وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ….. وسئل عن العتيرة فقال: ((العتيرة حق))
رواه أحمد، والنسائي وحسنه السيوطي والألباني
الخصوصية الرابعة :
فضل الدعاء في أول ليلة منه
قال الشافعيُّ رحمه الله في كتاب الأم (٢٦٤/١) : بلغنا أنَّه كَانَ يُقَالُ : إنَّ الدُّعَاءَ يُستَجَابُ فِي خَمسِ لَيَالٍ: في لَيلَةِ الجُمُعَةِ. ولَيلَةِ الأضحَى. ولَيلَةِ الفِطرِ. وأولِ لَيلَةٍ مِن رَجَبٍ. ولَيلَةِ النِّصفِ مِن شَعبَان .
ولم نقف على مستند الإمام الشافعي في ذلك ..ولكن من تبع الشافعي فقد تبع مليئا وأي مليء !!
وفي النهاية فرجب شهر حرام فيكفيه ذلك فضلا حتى يخصص بالأعمال الصالحة من صلاة وصوم وصدقة وقراءة للقرآن واجتناب المحرمات كما قال تعالى : منها أربعة حرم فلاتظلموا فيهن أنفسكم .
فقد صح عن ابن عباس قوله : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ) الآية ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) في كلهن ، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما ، وعظم حرماتهن ، وجعل الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح والأجر أعظم .
وصح عن قتادة في قوله : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا ، من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيما ، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء . قال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه ، اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم الله ، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل .
قال الإمام القرطبي رحمه الله : ( كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام – إلى أن قال – : وقد أشار الله إلى هذا بقوله : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) الأحزاب:30 )أهـ.
وقال ابن كثير : ( كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، فكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام) أهـ.
ومن أقوال الزهاد والعلماء الخاصة بشهر رجب :
قال ذو النون المصري : رجب لترك الآفات، وشعبان لاستعمال الطاعات، ورمضان لانتظار الكرامات، فمن لم يترك الآفات، ولم يستعمل الطاعات، ولم ينتظر الكرامات، فهو من أهل الترهات.
وقال أيضًا : رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي، ورمضان شهر الحصاد، وكل يحصد ما زرع، ويُجزى ما صنع، ومن ضيع الزراعة ندم يوم حصاده، وأخلف ظنه مع سوء معاده.
وقال أبو بكر الوراق البلخي: شهر رجب شهر للزرع ، وشعبان شهر السقي للزرع ، ورمضان شهر حصاد الزرع .
وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح ، ومثل شعبان مثل الغيم ، ومثل رمضان مثل القطر .
وقال ابن رجب : شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة .
وقد رويت أحاديث ضعيفة في فضل الشهر مثل حديث : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ..
وأخيرا لماذا لايهتم المنكرون على العامة بنشر ما سبق من الصحيح الثابت وما كان عليه السلف بدلا من النقولات العامة والطعن في الأحاديث الضعيفة والموضوعة الواردة فيه ؟؟
انشروا الحق ليحل محل الباطل .. ولاتهاجموا مااستقر في نفوس الناس وقال بجله علماء أئمة بنسفه جملة وتفصيلا فلا إفراط ولاتفريط ..