خواطر مع الواقع 10 : خذوا على يد السفيه الفتان (الصبيغي) !
لم يعد الأمر صبيان يتهاوشون .. وسفهاء يتعاركون فنعرض عنهم ونتركهم وعبثهم ! بل تفاقم الأمر وبلغ ذروته حتى استغل فيه فتيان أهل الإسلام من الجهال الصغار فانساقوا وراء العنتريات وإثبات الذات وهو مرض كل المراهقين .. وأدسم مادة لذلك عند من ينحو نحو الدين هو التعالم وإسقاط الكبار والشذوذ فإن ذلك له نشوة عظيمة عند كل سفيه صغير العقل والعلم .
وقد تنامت فتنة هؤلاء (الصبيغيين ) شيئا فشيئا مثل كرة الثلج وقد حذرنا منهم قديما في أوائل فتنتهم وللأسف لم يشاركنا الكثير من أهل العلم في هذا التحذير لقلة اشتغال العلماء بهذه البرامج مثلما كان الحال أيام تحذيرنا من الحدادية الأول والذين تمخض عنهم من يسمون بالجامية والمداخلة والفوالح .. ولما فحش ضرر (الصبيغيين) انبرى بعض أهل العلم الأكارم والدعاة الأفاضل للتعامل معهم بأسلوب علمي فماقصروا في نصحهم وتوجيههم لكننا كنا ولازلنا لانراهم أهلا لذلك فهم أحقر من أن يرد عليهم بالعلم ونرى أن ذلك فيه رفعة لقدرهم وعمل اعتبار لهم . ومع وفرة الردود العلمية تلك وضياع الأوقات الثمينة في توضيح الواضحات قوبل ذلك بزيادة السفه ونشر الأكاذيب وتحريف الكلم .
واليوم تفاحش فحش ضررهم وبلغ السيل الزبى وأعقب السيل ديمة ( على قولة أحدهم ) فلا نرى لهم علاجا إلا البتر الذي كان هو الطريق الوحيد لو وجدت دولة إسلامية ورفع الأمر لعلمائها ..
وبما أنه ما لايدرك كله لايترك جله فهذه فتوى لمن يعرف قدرها من الإخوة بالأخذ على يد هؤلاء السفهاء بالطريقة السليمة :
أولا : كل من يمكن الوصول إليه من هؤلاء السفهاء فإنه يضرب ضربا مبرحا يعلمه الأدب والتقوقع على نفسه وعدم العود لما وقع فيه .. مع أخذ الاحتياطات اللازمة حتى لايتضرر المؤدب . وطبعا (وإن عدتم عدنا)
ثانيا : تكوين فريق من الهاكرز وغزاة النت لاختراق قنواتهم وحذف أعمالهم المفسدة وتعطيلها وتتبع أماكن نشرها لمحوها حتى لاتغري السفهاء قليلي العلم .
عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ: “أَنَّ صَبِيغًا الْعِرَاقِيَّ جَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قَدِمَ مِصْرَ، فَبَعَثَ بِهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ بِالْكِتَابِ فَقَرَأَهُ فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: فِي الرَّحْلِ، قَالَ عُمَرُ: أَبْصِرْ أَنْ يكونَ ذَهَبَ فَتُصِيبَكَ مِنِّي بِهِ الْعُقُوبَةُ الْمُوجِعَةُ، فَأَتَاهُ بِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: تَسْأَلُ مُحْدَثَةً، فأرْسلَ عُمَرُ إِلَى رَطَائِبَ مِنْ جَرِيدٍ، فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى تَرَكَ ظَهْرَهُ دَبِرَةً، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى بَرَأَ، ثُمَّ عَادَ لَهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى بَرَأَ، فَدَعَا بِهِ لِيَعُودَ لَهُ، قَالَ: فقالَ صَبِيغٌ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي، فَاقْتُلْنِي قَتْلًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُدَاوِيَنِي، فَقَدْ وَاللَّهِ بَرَأْتُ، فَأَذِنَ لَهُ إِلَى أَرْضِهِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يُجَالِسَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ: أَنْ قَدْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ: أنِ ائْذَنْ لِلنَّاسِ بِمُجَالَسَتِهِ”.
وهذه قصة حسنة الإسناد وأصل أصيل في التعامل مع هؤلاء المرضى غير المعذورين شرعا
قَالَ الآجري رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْبَغِي لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأُمَرَائِهِ فِي كُلِّ بَلَدٍ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ مَذْهَبُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ – مِمَّنْ قَدْ أَظْهَرَهُ – أَنْ يُعَاقِبَهُ الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ ؛
فَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلَهُ قَتَلَهُ.
وَمَنِ اسْتَحَقَّ أَنْ يَضْرِبَهُ وَيَحْبِسَهُ وُيُنَكِّلَ بِهِ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ.
وَمَنِ اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْفِيَهُ نَفَاهُ, وَحَذَّرَ مِنْهُ النَّاسَ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الْحُجَّةُ فِيمَا قُلْتَ؟ .
قِيلَ: مَا لَا تَدْفَعُهُ الْعُلَمَاءُ مِمَّنْ نَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْعِلْمِ , وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلْدَ صَبِيغًا التَّمِيمِيَّ , وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَنْ يُقِيمُوهُ حَتَّى يُنَادِي عَلَى نَفْسِهِ , وَحَرَمَهُ عَطَاءَهُ , وَأَمَرَ بِهِجْرَتِهِ , فَلَمْ يَزَلْ وَضِيعًا فِي النَّاسِ.
وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَتَلَ بِالْكُوفَةِ فِي صَحْرَاءَ أَحَدَ عَشَرَ جَمَاعَةً ادَّعَوْا أَنَّهُ إِلَهُهُمْ , خَدَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أُخْدُودًا وَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ , وَقَالَ:
لَمَّا سَمِعْتُ الْقَوْلَ قَوْلًا مُنْكَرَا … أَجَّجْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا
وَهَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ فِي شَأْنِ الْقَدَرِيَّةِ: تَسْتَتِيبُهُمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ.
وَقَدْ ضَرَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عُنُقَ غَيْلَانَ وَصَلَبَهُ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ يَدَهُ.
وَلَمْ يَزَلِ الْأُمَرَاءُ بَعْدَهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ يَسِيرُونَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ عَاقَبُوهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَوْنَ , لَا يُنْكِرُهُ الْعُلَمَاءُ”اهـ.
وقد عدم في عصرنا الإمام فلا مانع من ولاية ذلك من العلماء بالفتوى الشرعية
هذا في تأديبه
وأما مقاطعته وعدم الجلوس إليه فإن هذا متعذر على الشبكة والبديل له ما أفتينا به من حظر فتنته عن السفهاء
وروى اللالكائي بسنده عن ابن زرعة عن أبيه قال: “لقد رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير أجرب يجيء إلى الحِلَق، فكلما جلس إلى حلقة قاموا وتركوه، فإن جلس إلى قوم لا يعرفونه ناداهم أهل الحلقة الأخرى: عزمة أمير المؤمنين .
وعن إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال: سألت أبا عبد الله عن رجل مبتدع داعية يدعو إلى بدعته، يُجالَسُ، قال أبو عبد الله: «لا يُجالَس ولا يُكَلَّمُ لعله يتوب .
والآثار في المنع من مجالسة أهل الأهواء بل وعدم التسليم عليهم ولا حتى رد السلام كثيرة جدا لانطيل بها وننتقي من كلام أكابر العلماء في ذلك قول الإمام النووي : وأما المبتدع ومن اقترف ذنباً عظيماً ولم يتب منه فلا يسلم عليهم ولا يرد عليهم السلام، كما قال جماعة من أهل العلم .
ورحم الله الشيخ محمد بن إبراهيم عندما رفع له أمر مؤلف كتاب : (أبو طالب مؤمن قريش! ) أصدر فيه حكمه بما يلي :
( أولاً ) : مصادرة نسخ الكتاب وإحراقها – كما صرح العلماء بذلك في حكم كتب المبتدعة .
( ثانيا ) : تعزير جامع الكتاب بسجنه سنة كاملة ، وضربه كل شهرين عشرين جلدة في السوق مدة السنة المشار إليها بحضور مندوب من هيئة الأمر بالمعروف مع مندوب الإمارة والمحكمة .
( ثالثا ) : استتابته ؛ فإذا تاب وأعلن توبته ، وكتب كتابة ضد ما كتبه في كتابه المذكور ، ونشرت في الصحف ، وتمت مدة سجنه خلي سبيله بعد ذلك ، ولا يطلق سراحه وإن تمت مدة سجنه ما لم يقم بما ذكرنا في هذه المادة .
( رابعاً ) : فصله من عمله ، وعدم توظيفه في جميع الوظائف الحكومية ، لأن هذا من التعزير .
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
محمد بن رزق بن طرهوني
في 19 ذي الحجة 1445هـ