خواطر مع الواقع (15)
ودوا لو تدهن فيدهنون
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فيقول تعالى : ودوا لو تدهن فيدهنون !
يلخص السعدي معنى هذه الآية بقوله : { وَدُّوا }- أي: المشركون { لَوْ تُدْهِنُ }- أي: توافقهم على بعض ما هم عليه، إما بالقول أو الفعل أو بالسكوت عما يتعين الكلام فيه، { فَيُدْهِنُونَ } ولكن اصدع بأمر الله، وأظهر دين الإسلام، فإن تمام إظهاره ؛ بنقض ما يضاده، وعيب ما يناقضه .ا.هـ
صدق من قال : من المعضلات توضيح الواضحات !
وأصعب ما يواجه المرء أن يرى اختلاط أمور بدهية على أفاضل من المفترض ألا تكون عليهم خافية إذ إنها لاتخفى على كثير من العوام ..
كنت لا أريد الخوض ولكن تعدد السؤال والتبس الأمر على بعض الإخوة إذ ظهرت بعض المشاركات ممن كان الأولى بهم ألا يتكلموا في تلك المسائل العظام .. فليس السجن في جوانتانامو بمؤهل للتحدث في الشريعة .. ولا السفر من بلاد الحرمين لسوريا للمشاركة في الجهاد بمؤهل للتحدث في الشريعة ..
دائما المشكلة عند أنصاف المتعلمين أو المتسورين على الشريعة أو من غلبهم الهوى بسبب عظم الابتلاء أو غيره يكون في تحقيق المناطات وبالتالي ينزلون النصوص الشرعية وكلام العلماء على غير مواضعه .. ويساوون بين المختلفات ويتجاهلون الفروقات . وهذه هي مصيبة المصائب !
فالتحالف والإعانة والتماهي التام يدرجونه تحت مسمى الاستعانة ! مع غض الطرف تماما عن الانضواء تحت القيادة الكفرية الموغلة في ذبح المسلمين في كل بقاع المعمورة وعدم الاستطاعة أن ينبس ببنت شفة مع قراراتها .
والمخالف لهم وإن كان حبيبهم بالأمس وشريكهم في جل مناهجهم تحت مسمى الخوارج !
والكافر المجرم المكشر عن أنيابه وصاحب الأيادي والأرجل الملطخة بدماء المسلمين والمتزعم للعالم والمستعبد لكل رؤساء المسلمين حتى اللحظة الآنية ؛ يدرجونه تحت الكافر الذي يؤمن جانبه وفي الاستعانة به قوة للإسلام والمسلمين .
وعدم وجود الحاجة والتبجح بزوال المطلوب التعاون ضده وأنه لم يعد له تأثير يذكر ؛ يدرجونه تحت العدو الخطر الذي يخشى ولايقدر المسلمون عليه ولو اجتمعوا فهو قوة جبارة قاصمة فالضرورة تقتضي اللجوء للكافر ليعيننا عليه ولم نجد كافرا ذميا أو معاهدا لأجل ذلك فاضطررنا لألد أعداء الإسلام !
كلام علماء الأمة في واد وأنتم في واد آخر
أَيُّها المُنكِحُ الثُرَيّا سُهَيلاً عَمرَكَ اللَهَ كَيفَ يَلتَقِيانِ
هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَقَلَّت وَسُهيلٌ إِذا اِستَقَلَّ يَمانِ
مايقال اليوم هو شنشنة نعرفها من أخزم !
وجميع طواغيت الأرض لهم نفس الاستدلالات لتسويغ كل كفرياتهم وكل عمالتهم وكل ذلتهم وانكسارهم وبيعهم دينهم لأجل دنياهم !
بالأمس القريب كانوا يقولون بقول من خالفهم اليوم .. واليوم أصبح كل ممنوع كلأ مباحا !
لقد أصبح لعق أحذية ترامب وتسليم الموانئ لفرنسا وغيرها وفتح البلاد للصهاينة يرتعون فيها رتعا ويعبثون في شرفها كبكر تفتض قسرا على مرأى ومسمع من محارمها ؛ فتحا مبينا وآية من آيات الله !!..فقد دخل المطلوب لأمريكا البيت الأبيض وكأن ذلك بلا ثمن باهظ لو تم دفعه منذ اللحظة الأولى لكانت الأمور أفضل ألف مرة من الوضع الحالي .
مل العقلاء من القائد الداهية والرئيس الحكيم وحنكته السياسة وكيف يتلاعب بالغرب وقاداته حتى يتمكن بعد عشرتاشر قرن فينقض عليهم فاتحا ومعيدا لمجدنا المسلوب .. وهم مساكين أغبياء أعطوه الفرصة لذلك لشدة حكمته ودهائه !!
هذا وصف كل عميل خائن بائع للأمة من أتباعه ومطبليه وشيوخ بلاطه !
أنا في الحقيقة لن أدلي بوجهة نظري قديما وحديثا حتى لا أحزن إخوتي السوريين ومنهم أعزاء علينا وبعضهم عين في هيئة العلماء ! وإلا فالصورة واضحة لنا منذ إدلب وحتى تسليم سوريا للجولاني والمسار نوهنا به أكثر من مرة على استحياء ..
التصريحات الحالية والسابقة من عدة جهات مسؤولة لدى الإدارة الأمريكية التي تصرح بالتنسيق التام بل بالصناعة منذ أكثر من عشر سنوات لها احتمالان لاثالث لهما :
الأول : أن يكونوا قد صدقوا فيها _ وهذا المرجح عند كثيرين _ وهذا يعني العمالة حتى النخاع وأن الأمر تنفيذ تام للمخطط الصهيوني .
الثاني : أن يكونوا كذبوا فيها وهذا يعني أنهم يرغبون في تصفية المسلمين وخصوصا أهل الجهاد بعضهم ببعض بدق الأسافين بينهم .
وفي تلك الحال لابد من تكذيبهم وإفشال مخططهم فعليا برفض الانضواء تحت حلفهم الكفري .
ولك أسوة فيمن قبلك من الطواغيت فكثيرا ما كانوا يعتذرون عن بعض الأعمال القذرة بحجة أن هذا يستفز الشعب ويهدد الاستمرار في العمالة ..فما الذي يضيرك أن ترفض الانضواء في الظاهر وتكون معهم بقلبك وعملك دون تصريح على الأقل ؟؟
يا أخ ..كن شجاعا وشريفا ولو فرطت في دينك فهو أكرم لك !
قل : أنا كغيري من طواغيت الأمة صرت عبدا لأمريكا والغرب مقابل لقمة العيش للشعب المنهك الجوعان والمنصب لي _ ولعل ذلك يحصل ، وهو لايحصل غالبا بل يمكرون بالجميع _ ولاتتاجر بالجهاد والتزيي بزي أهل الإسلام ( وتبرطع ) في صلح الحديبية والاستعانة بالكفار على الخوارج ونحو ذلك من مسائل الشريعة ..فشتان بين ذلك وما أنت فيه !
من أحمق الأعذار أن يقال : التحالف يضرب منذ زمن في التنظيم ولن يقدم ولن يؤخر الانضواء ضمنه وإنما نكسب ورقة سياسية رابحة !!
عجيب أمركم .. يعني انضواؤك تحت حلف لنصرة اللوطية أو لتقنين اغتصاب المسلمات أو لهدم بيوت الله يمكن أن يكون ورقة سياسية طالما أنه حاصل حاصل ؟؟
ماهذا الهراء ؟؟ وما هذا العبث ؟؟ وأنت إن لم يكن لك دور أو لانضوائك غرض في نفس الثعالب فلماذا يطلبونه ويطيرون به في الآفاق حتى وإن كنت حقيقة ليس لك في العير ولا في النفير وعرض بلادك مستباح ليل نهار للصهاينة ولاتحرك ساكنا ؟؟ وعبث به من الدروز فلم ترفع رأسا ؟؟ وهلم جرا .
هل التنظيم اليوم هو الخطر ؟؟ وهل فجأة أصبح ماردا جعلكم تبولون في سراويلكم ؟؟ لا أدري كيف فجأة أصبح بهذه الدرجة من الرعب ؟
ألم يكونوا قد أعلنوا أنهم قد قضوا عليه ولم يعد له وجود ؟؟ ألم يكن آخر الجيوب محرقة الباغوز ؟ ما الذي حصل فجأة ؟
العداء معروف وقديم ولانطيل بتفاصيله والخيانات والدعم الخليجي لتأجيجه من قبل الجولاني نفسه ، لكنه يعتبر في قمة الركود والعمليات المضادة لاتكاد تذكر .. لكن الآن أنتم فتحتم عليكم بابا جديدا فقد حق لهم استهدافكم والإثخان فيكم والبادي أظلم وعلى الباغي تدور الدوائر !
هل أنت تريد الإعمار والرفاهية أم تريد أن تفتح بابا للفتنة والاقتتال بين المسلمين بذريعة صلعاء يعرف القاصي والداني كذبها ؟
أين خطر التنظيم عليك ؟؟ يا أعمى البصر والبصيرة غط سوأتك المكشوفة للصهاينة إن لم تكن منفذا لمخططاتهم للسيطرة على البلاد وتصفية بقية أهل الجهاد الذين تعقد التعاهدات والأحلاف لتسليمهم أو حبسهم أو نزع سلاحهم أو قتالهم والله المستعان .
تفكير طفولي يضحك منه الثكالى :
الأخ يتلاعب بهم وعلى الأقل وجوده يجعله يطلع على الأمور ويمنع كثير من المفاسد وهو أفضل من الرفض فتغضب عليه أمريكا وتضربه وتسيل دماء المسلمين الضعفاء بلا حق !!!
هل أعلق بالله عليكم ؟؟ أم أريح مرارتي ولا أزيد ارتفاع ضغطي ففساد الكلام يغني عن إفساده ؟ وبطلانه يغني عن إبطاله ؟؟
هل سمعتم بحذاء يطلع على مايدور في عقل لابسه ؟؟ أو سمعتم عن ضعيف مستضعف لاقيمة له ولاوزن يمنع قادته وأسياده ؟؟ وهل مر عليكم أن ذئبا يمتنع عن فريسته لأنه افترس أخرى ؟
تفكير سخيف كسابقه :
هذه فترة انتقالية والحكمة تقتضي الانحناء للعاصtة ..يعني بالبلدي : تمسكن حتى تتمكن !
يا لبلاء الأمة من هذه العقول إن كانت صادقة في التفكير بذلك .. والله كلما مر علي مثل هذا الكلام أتذكر قوله تعالى : ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق .
ياجميل الملامح .. من تتعامل معهم لن يفسحوا لك مجالا لتتنفس وليس لتتقوى وتعد العدة لقتالهم ..فدع عنك البطالة فلاوقت لدينا لبطالتك !
عموما .. حتى لانطيل عليكم بالتأكيد سيقول البعض : ماذا تريد منا إذن ؟؟
أنا لا أريد منكم شيئا فالشرف والكرامة لاتطلب ..على الأقل كونوا شرفاء في انحرافكم وافعلوا ماقلناه آنفا
من الممكن الاعتذار عن التحالف لدرء مفسدة الاقتتال الداخلي ..
وكما تصبر على الصهاينة والدروز والأكراد فاصبر على التنظيم لو فعل لك شيئا
أظهر للشعب الحقيقة وقل إنك ستحاول أن تكون تركيا مصغرة وإن كنت مفارقا لها في الكثير فتركيا دولة عظمى كانت أكبر امبراطورية قبل قرن فقط ولها جيش عرمرم ومساحات شاسعة ومقدرات خيالية .. كما أنها لاتسمح بمساس أرضها ولو شبرا وهي على الأقل تتكلم وإن لم تفعل ..لكن أنت حتى الكلام لاتتكلمه ..
لا أطلب منك قتال الصهاينة فهذا شرف لاتقدر عليه ، ولكن أخبر الناس أنك لايعنيك غزة ولا القدس ولايعنيك تطبيق الشريعة ولا فريضة الجهاد وأنك ستكون ذراعا لأمريكا والغرب وخادما مخلصا للصهاينة في المنطقة كعباس البهائي وأسوأ .. والمهم أن تسلم ممن تخافهم وتتأمل أن يوفروا لك ولشعبك لقمة عيش ولو بالمذلة لأنكم قد سئمتم القتال والقتل والتشرد …فإن رضي شعبك بذلك ف go to the hell أنت وهم ..
وإن لم يرضوا فدع عن ظهرك الحمل إن كنت تحرص على آخرتك وارمه على غيرك وعلى رأي القائل : إذا ما كنت قد الشيلة ماتشلش !!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتب
د. محمد طرهوني
25 جمادى الأولى 1447هـ

