ولو زنوا بأمهاتهم أو لاطوا بهم فلن يستفزوهم فهم عقلاء
ملحوظة : هذا المقال كتبته بسبب الهجمة الشرسة على النبي صلى الله عليه وسلم بالفيلم المسيء
****
هم عقلاء لا تحركهم العواطف ولا تعصف بهم العواصف هم يتبعون العلماء الراسخين والحكام المهديين والمفكرين الوطنيين أما الدهماء والهوجاء والغوغاء فهم منهم برآء
سوف يصبرون على الضيم ويرضون بالذل ويتجرعون المر ويلتحفون العار تغليبا للمصلحة ودرءا للمفسده فلا نامت أعين المتهورين .
يعلم الله ما كتبت هذا إلا من حرقة أدفعها فلا تندفع فقد طفح الكيل وهدر السيل أرجو من الله خير ما أكتب وأعوذ به من شره أساله سبحانه أن ينفع به فهو جهد المقل ولا أملك إلا قلمي هذا الذي أوردني الموارد استمعت إلى جمع من المتحدثين واطلعت على ثلة من مقالات الكتاب والمفكرين فضاق الصدر وحشرجت النفس وفار الدم فأردت أن أقف وقفات مع هذه الهجمة الشرسة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم آمل أن تكون منارات تضيئ الطريق للغيورين الحيارى في عالم التلبيس والتدليس والتسييس والتتييس .
الوقفة الأولى :
يقولون : أنتم لا تتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم في حياتكم فما هذه النصرة المزعومة ؟
ونقول : ليس من شرط نصرته صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه والذب عن عرضه أن نكون ملائكة فمن الذي يسلم من المعصية التي ماسلم منها خيار الأمه من الصحابة فمن بعدهم ،وإن قصر المسلم في بعض أمور دينه فلا يعني أن يقصر في جميعها أو في أعظمها وهو الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم .
ويقولون : بعضهم يقع في مخالفات عقدية أثناء هذه النصرة كقولهم سامحنا يا رسول الله
ونقول : المخالف نعلمه الصواب وليس خطؤه بمانع له من أداء واجبه فكيف ولقوله مخارج صحيحة وإنما أتى المنكر من غفلته عن علم البلاغة وليراجع ماقيل في التشهد ” السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ”
الوقفة الثانية :
يقولون : نصرته صلى الله عليه وسلم بنشر سنته والتعريف بسيرته
ونقول : هذا جزء يسير من نصرته وهو واجب سواء انتهك عرضه صلى الله عليه وسلم أم لا ، ونحن هنا في نصرته حال انتهاك عرضه والنيل منه . وماذاك إلا كمن يرى شخصا ينتهك عرض فتاة مسلمة فإذا به يعطيه محاضرة في أخلاق المسلم وتحريم الزنا وجرم الاعتداء والفتاة تستغيث والأثيم يستلذ والأخ خطيب مفوه !!!
الوقفة الثالثة :
يقولون : النبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أحد النيل منه قال تعالى ( إنا كفيناك المستهزئين ) وقال ( والله يعصمك من الناس)
ونقول : هذا من جهل القائل بالتفسير ؛
أما الآية الأولى فهي في جماعة بأعينهم قد قتلهم الله عن طريق جبريل والقصة صحيحة معروفة وإنما كان كلامهم في القرآن وفي بداية الدعوة المكية .
وأما الآية الثانية فهي حمايته من القتل حتى يبلغ الرسالة ولذا فقد قتل صلى الله عليه وسلم شهيدا بالسم بعد أن تم البلاغ ومن أراد الاستزادة فليبحث في المظان
الوقفة الرابعة :
يقولون : النبي صلى الله عليه وسلم كان يعفو ويصفح وترك المنافقين
ونقول : هذا كذب وتدليس لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصفح دائماً وكان صفحه غالبا قبل الأمر بالانتصار أو عن جاهل يعلم أو منكر للإساءة متبرئ منها مثل إساءات المنافقين . أما من أصر وكابر فقد عاقبه النبي صلى الله عليه وسلم أشد العقوبة وهي القتل كما سيأتي
الوقفة الخامسة :
يتكلمون عن المعاهد وعن تفرد ولي الأمر بالعقوبة ونحو ذلك .
ولا أستطيع الخوض في هذه الأمور الشائكة خاصة في تلك العجالة ولكن أقول بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والنيل منه كانت العقوبة القتل على كل حال وليرجع من أراد إلى كتاب شيخ الإسلام (الصارم المسلول على شاتم الرسول ) وأذكر هنا أربعة نصوص لا يتعرض لها أحد ممن يدلون بدلائهم في هذه القضية
الأول : إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فرقة اغتيالات لتقتل رجلا معاهدا سيدا في قومه وهو كعب بن الأشرف لأنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشبب بنساء المسلمين فلم يراع عهده ولم يراع مكانته في قومه وما يمكن أن يترتب على ذلك
الثاني : إهدار النبي صلى الله عليه وسلم لدم امرأة كانت تسبه قتلها أبو ولدها مع رعايتها له وهو أعمى ولم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ولي الأمر في قتله لها ولم يلمه النبي صلى الله عليه وسلم
الثالث: إهدار النبي صلى الله عليه وسلم دم امرأة كانت بمكة تسبه صلى الله عليه وسلم وهي من القلة القليلة التي قتلت يوم الفتح وأمر بقتلها ولو تعلقت بأستار الكعبة فلم يراع كونها كانت في دار الكفر أو أنها امرأة لا تقتل .
وكذا في النص السابق لم يراع كونها امرأة .
الرابع : أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليا لرجل اتهم باعتدائه على عرض النبي صلى الله عليه وسلم حيث اتهم بأم ولد له وأمره بقتله ولولا أنه وجده لا ذكر له لقتله
وهذه الأحاديث بعضها في الصحيحين وبعضها في السنن والسير وغيرها
الوقفة السادسة :
يقولون : مازال الناس يسبون الله ويسبون الرسول صلى الله عليه وسلم عبر العصور فلماذا يثور الناس الآن ؟
وأقول : أكان هذا ؟ لقد أوشكت أن تقوم حروب بين دولة الإسلام ودول الكفر بسبب بعض هذه المواقف ! وهل ثبت أن أحدا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت عنه وتركه مسلمون قائمون بأمر الله أو حكام بررة أو علماء صادقون ؟
الوقفة السابعة
يقولون : الرافضة يسبون الصحابة ويتهمون أم المؤمنين فلماذا تركتكموهم وثرتم هنا ؟
ونقول : الرافضة مع جهلهم الشنيع وخروجهم عن الملة لا يسبون النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بل يعظمونه ويجلونه ويتأولون في رميهم لعائشة رضي الله عنها وينفون أن آيات سورة النور أنزلت فيها وغير ذلك
ومع هذا فنحن لا نسكت عنهم بل ندعو لإيقاع أشد العقوبة بهم إلا أن أكثرهم يخفى على أكثر المسلمين وجرمهم هذا لا يجهر به إلا قلة قليلة أو عوام جهلة ملبس عليهم وإما علماء متأولون_ لعنهم الله _ ولو سلم جدلا السكوت فليس السكوت عن حالة بمسوغ للسكوت في كل الحالات والمعصية لا تسوغ الوقوع في معصية أخرى .
الوقفة الثامنة
يقولون : لقد أخذ بعض الأبرياء بجريرة غيرهم ونقول : هذه مسألة خطيرة ودقيقة لأنها تتعلق بالدماء وهذه أهرب منها إلا أني أشير إشارات :
النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البيات الذي تقتل فيه الذرية فقال هم منهم ، فأباح قتلهم مع نهيه عن قتل النساء والأطفال .
ولما رمى الطائف بالمنجنيق مانظر هل وقع على معاند أم مسالم أم على طفل أم على امرأة .
وهكذا في جميع حروبه كان يقتل الرجال ويسبي الأطفال والنساء وما ذنبهم ؟
كما أنه أغار في بدر يريد عير قريش وفيها أموال ناس لا ناقة لهم ولا جمل في تعذيب المسلمين بمكة
إلى غير ذلك من شواهد كثيرة يحتاج فيها إلى نظر واسع في مسألة إصابة الأبرياء .
ومسألة الدماء مع خطورتها لم تمنع الصحابة من الاقتتال فيما بينهم لإحقاق الحق وكل فريق متأول ويرى أن الحق معه .
وهناك من يبسط الأمر أو أنه يستخف بعقول الناس فيقارن ما حصل بمثل أن يقتل رجل إنسانا بريئا في بلد ما لأن أحد أقاربه قتل في بلدة هذا الرجل ، وهذه السطحية في التفكير تنم عن جهل مركب يتبين بما يأتي في الوقفة التالية .
الوقفة التاسعة :
يقولون : ردة الفعل كانت غير مشروعة وأساءت للإسلام
وأقول : أما المظاهرات والاعتصامات والمطالبات بمعاقبة هؤلاء فهذه أقل ما يكون وهي مشروعة لاشك إلا عند بعض أهل الفتاوى المسيسة .
وأما مسألة السفارات ومهاجمتها فهذه مع تعلقها بالوقفة السابعة تحتاج إلى بعض الإشارات أيضا : أمريكا التي يتحدثون عنها كأنها حمل وديع وكأنها ظلمت ؛ نقول : إنها رأس الحربة في الحرب على الإسلام والمسلمين وهي أم الإرهاب وأبوه :
فقد أبادت دولة كاملة قتلت وجرحت وشردت الملايين من أطفال ونساء وأبرياء بحق لأجل رجل يسمى صدام حسين كان بإمكانها اغتياله لو أرادت فماذا فعل لها أطفال العراق ونساؤه حتى تفعل بهم ما فعلت لعنها الله ؟
أزالت دولة أخرى كانت تقيم شرع الله اسمها طالبان لأجل رجل واحد اتهمته تهمة _ الله أعلم بصحتها _
فأين هذا الإجرام من قتل رجل أو أربعة أو خمسة لجرم عظيم أصاب أكثر من مليار مسلم في مقتل وفي
أمر أشد عليهم من ذهاب أرواحهم ؟
أهانت الدول وانتهكت حدودها وأجواءها فقتلت الأبرياء وروعت الآمنين بغير حق بدعوى ملاحقة أشخاص قلائل تعدهم يهددون أمنها . هكذا بدون محاكمات ولا يحزنون وتستنكر أن يطالب أكثر من مليار مسلم بمن اعتدى عليهم وأصاب دينهم الذي هو أشرف عندهم من الدنيا وما عليها؟
أمريكا البريئة التي أنقذت ليبيا نقول لها : ليس ما فعلته مع ضآلته لسواد عيون الليبيين وإنما لسواد بترولهم وسوريا شاهد حي على ألاعيب المجرمين .
أوروبا شريك رئيس مع هذه الدولة المجرمة وفرنسا الملعونة التي تحظر الحجاب وتمنع مظاهرة التعبير عن الرأي ومع ذلك تسمح بالصور الآثمة بحجة حرية التعبير هي التي بالأمس في أزمة مع تركيا بسبب تجريم من ينكر مذبحة الأرمن .
وليس تجريم من ينكر الهولوكست ببعيد فالكل يعرفه
ونقول السفارة ومنها السفير ليست بالبراءة التي تصور للناس فهي رمز مصغر للدولة التي تمثلها وهذا السفير صورة كاملة لرئيس الدولة التي يمثلها ومع دور السفارة المشبوه في التجسس لصالح دولتها وفي الإفساد ونشر الفتن في البلاد وتجييش الطابور الخامس والدفاع عن منهج دولتها العدواني تجاه الإسلام والمسلمين إلى غير ذلك من طوام ، فهي مشتركة اشتراكاً تاما في كل ما تدان به حكومتها فهي قطعة من بلدها على أرض خارجية إلا أن تتبرأ من موقف دولتها وهذا يعد انشقاقاً عن الدولة كما حصل في أمر ليبيا مثلاً
لذا فأخذ السفارة الأمريكية بجريرة ببلدها ليس ببدع من القول إلا ما فيه من نظر لحماية الدولة المضيفة لها ومسألة الرسل وأمانهم وهي أمور معقدة تتعلق بصحة أمان حكومة هذه الدولة وهل السفارة نقضت الأمان أو قامت بأدوار مشبوهة أخرجتها من دائرة الرسل إلى دائرة الجواسيس إلى غير ذلك .
والذي كان ينبغي فعله من قبلهم إما إظهار استنكارهم لما حصل ووضع أيديهم في أيدي المتظاهرين للمطالبة بتقديم المجرمين للمحاكمة أو مغادرة البلاد فوراً .
وأخيراً في هذه الوقفة :
من العيب جدا أن ننشغل بإدانة رد الفعل والتهويل فيه وتسفيه أصحابه وهم المحروبون المكلومون وندعي أنها تسيئ للإسلام وهي وجهة نظر يخالف فيها آخرون يرون أنها تجبر الخصم على احترام الإسلام والمسلمين وتعلم أنهم رجال لا يرضون الضيم ويعمل لهم الحسابات وهذا ما حدث فعلاً يشهد له مواقف عدة .
ولنضرب مثالاً على رد الفعل :
إذا عدا جار على جاره فسرق ماله وانتهك عرضه وقتل أطفاله فما كان من المصاب إلا أن أضرم النار في بقالة يملكها هذا المعتدي فإذا بالناس ينسون كل هذا الجرم ويأخذون باللوم على إفساده المال بالحريق وأن هذا ليس الطريق الصحيح وأنه كان عليه إبلاغ الشرطة وانتظار المحاكمة لهذا المجرم .. إلخ الاسطوانة المشروخة التي سئمها الناس ولم تعد تجدي نفعا .
أنكر على المجرم إجرامه فإن تعلق برد الفعل فقل له يداك أوكتا وفوك نفخ .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ، وقد يقتل الرجل لأجل مال قليل ولو كان النظر بمقارنة المال بالنفس لكان ذلك سفه وطيش عجيب ولكنها العزة والأنفة والدفاع عن الحق والردع للمعتدي فمن تجرأ على القليل تجرأ على الكثير إذا لم يرتدع .
الوقفة العاشرة :
ما الذي يجب على الأفراد والحكومات ؟
وأقول : إن كانت الحكومات فيها الخائنة والمداهنة والتي تغضب لأتفه الأسباب وتسحب سفراءها وتطرد السفراء لسخافات كثيرة فعلى الشعوب أن تجبرها على الغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من ذلك
فإن لم تفعل فهي التي تتحمل كل دم يراق وكل مصيبة تحصل لا الشعوب
ولذا فإنه يجب على المسلمين جميعا المطالبة بدم هؤلاء الذين نالوا منه صلى الله عليه وسلم وإن لم تسلمهم بلادهم فليس ببدع أن ترسل بلاد المسلمين فرقاً لاغتيال هؤلاء المجرمين كما تفعل أمريكا وإسرائيل وغيرهما .
وما الفيلم الأمريكي لمقتل ابن لادن الذي يرجح أنه مات في المستشفى ببعيد
وما مقتل المبحوح أيضا ببعيد والأمثلة كثيرة
وعلى الأفراد عدم السكوت حتى يتم طرد السفراء وإغلاق السفارات وقطع العلاقات مع الدول التي ترفض تسليم المجرمين فيها وتوفر لهم الحماية والإقامة
كما تجب مقاطعة هذه البلاد اقتصادياً والاجتهاد في إيجاد البدائل لمنتجاتها
واستغلال الإعلام لفضح مخططاتها وتناقضاتها والتأليب عليها وبث الكراهية في نفوس المسلمين لها والدعوة لإعداد العدة لجهادها والانتقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها ومن أمثالها
ودعوة المسلمين المقيمين فيها للهجرة منها أو القيام بواجبهم للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المحاربين له الطاعنين فيه لمن لا يرى الهجرة .
الوقفة الأخيرة
لازال في الجعبة الشيء الكثير وفيما سبق شبهات أخرى لم نذكرها وردود مفحمة لم نعرج عليها لضيق المقام ولكن أنبه كل مسلم غيور على دينه ألا يلتفت لترهات نجوم الفضائيات وكتاب الصحف ومن يتقاضى الرواتب من الحكومات أو يخطب ودهم ولو أشكل عليه أي شبهة أثارها هؤلاء فليلجأ إلى العلماء الربانيين الذين لا يخافون في الله لومة لائم وقبل ذلك يدعو الله سبحانه أن يريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه ويريه الباطل باطلاً ويرزقه اجتنابه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين