الرقم : 001163 التاريخ : 8-1423
السؤال :الأخ يسأل يقول : ما هي الحالات التي يجوز فيها للمسلم أن يقطع فيها صلاته ؟ سواء كان ذلك في الفريضة أم النافلة ؟ وعلى وجه الخصوص إن كان هناك حاجة من حصول شيء لطفل من الأطفال ويخشى عليه الضرر ؟
الإجابة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أن مسألة قطع العمل الصالح اختلف فيها أهل العلم ؛ فبعضهم أجازها مطلقاً ، وبعضهم منعها مطلقاً ، وبعضهم فصل في ذلك شيئاً من التفصيل ؛ فالذي أجازها مطلقاً اعتمد على أن الذي يدخل في الطاعة انتقل فيها مختاراً فله أن يتركها ، وهو بذلك حرم نفسه مما دخل فيه من الطاعة ، وليس عليه مؤاخذة فيما فعل ، وإنما يكفيه خسارته هذا العمل الصالح . وعندهم استدلالات من السنة كثيرة تؤيدهم في ذلك ، وسوف نذكر بعضاً من هذا فيما يأتي إن شاء الله تعالى .
والبعض الآخر منع من هذا مطلقاً واستدل بقول الله تعالى ) ولا تبطلوا أعمالكم ( فقالوا : لا يجوز للمسلم أن يبطل عمله الذي دخل فيه .
وأما الذين فصّلوا فقد جمعوا بين الأمرين فقالوا : بالنسبة لبعض الفروض على وجه الخصوص لا يجوز للمسلم أن يقطعها مختاراً كالحج مثلاً ، بل وجمهور أهل العلم يلحق بذلك نافلة الحج والعمرة ، لقوله سبحانه وتعالى : ) وأتموا الحج والعمرة لله ( فهم احتجوا بهذا على وجوب الإتمام لمن دخل فيه . والآية فيها خلاف في التفسير ، ولعل الأقوى فيها أن المراد وجوب الحج والعمرة ، وليست الآية بصدد الحديث عمن دخل في النسك وما يجب عليه من إتمامه وعدم الخروج منه . والنبي r كان يصبح صائماً فإذا وجد طعاماً أكل ، فهذا دليل على جواز الخروج من العمل الذي أراد الشخص أن يمضيه بلا حرج إن شاء الله تعالى . وكذلك من خرج بصدقة ولم يفعلها أو ولم يتصدق بها فهو داخل تحت حديث : « من هم بحسنة ولم يفعلها كتبت له حسنة » .
فإذاً ، الأعمال الصالحة يمكن أن يمضيها المسلم ويمكن أن يقطعها إن شاء ذلك ، وكل حالة بحسبها . ولكنه إذا كان في فريضة فعليه أن لا يقطع هذه الفريضة إلا في حالات معينة لأنها قد يكون قطعها لا يجوز ، مثل صيام رمضان ؛ إن صام يوماً من رمضان فإنه لا يجوز له أن يقطع هذا الصيام لأن إتمام هذا الصيام في ذلك اليوم واجب عليه إلا إن كان هناك رخصة لفطره فهو مخير بين الأخذ بالرخصة وبين الإتمام إن كانت الرخصة من باب التخيير كفطر المريض مثلاً ؛ أو كالمسافر الذي لا يشق عليه السفر فإنه مخير بين الفطر وبين الإتمام . كذلك صلاة الفريضة إذا دخل المسلم الفريضة في صلاة الجماعة فإنه لا يجوز له أن يفارق الإمام حتى يسلم الإمام ، إلا إذا طرأ له طارئ كما حصل للصحابي الذي وجد معاذاً قد أطال الصلاة ولم يستطع أن يتم معه فإنه خرج وصلى منفرداً . فالمسألة فيها تفصيل وهذا هو الأرجح وليس المنع مطلقاً أو الإجازة مطلقاً .
والحالة التي ذكرها الأخ هي من أوجب الحالات التي يجب على المسلم ـ وليس من باب الجواز فقط ـ أن يقطع الصلاة لأجلها ؛ وهي حالة إنقاذ الطفل من المكروه الذي قد يتعرض له ، إلا إذا كان يستطيع أن يمنع ذلك وهو في أثناء الصلاة فلا حرج ؛ فإن أحد الصحابة كان يصلي فانفلتت دابته فأخذ بزمامها وهي تجري وهو يجري معها وهو يصلي ، فلما قيل له في ذلك قال : إني قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت من تيسيره وتسهيله ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم . فإذا استطاع المسلم أن يدفع الضرر الذي يراه أمامه وهو في الصلاة فإنه يدفعه ولا يؤثر ذلك على صحة صلاته ، أما إن لم يستطع إلا بالخروج من الصلاة فإنه يخرج ويعود مرة أخرى ويستأنف صلاته من البداية .
والله تعالى أعلم .