السؤال : الأخ يسأل عن جماعة التبليغ وماذا عليها وماذا لها ?
أحد الإخوة يسأل يقول : إذاً هل الجماعة يحذر منها على الإطلاق أم ماذا ؟
هل هذا من منهج الموازنات ؟
الأخ يقول : إنني قللت من خطر الجماعة التي في السعودية وأنها مجمعة على ضلالة ?
الإجابة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قد أجبنا عدة مرات عن مثل هذا السؤال ، وقد تعجبت عندما علمت بغير قصد أنه أحياناً يُطرح هذا السؤال ويراد به معرفة منهج السائل .فأولاً أقول : أن الذي يطرح هذا السؤال لمعرفة منهج السائل هو مخطئ ، لأن الاختلاف حول جماعة أو حول شخص لا علاقة له بمنهج الشخص . وإنما منهج الشخص يؤخذ من أقواله وأفعاله جملة . أما الاختلاف في بعض الجزئيات لا علاقة له بالمنهج ؛ فإن كلمة ( المنهج ) إنما يراد بها العموم وليس الاقتصار على جزئية معينة . هذا أردت أن أقدمه بين يدي إعادة الجواب على هذا السؤال للفائدة للإخوان جميعاً .
جماعة التبليغ من الجماعات التي تكلم فيها أهل العلم وبينوا ما لديها من أخطاء عقدية ثبتت في الكتب التي يعتمدها أصحاب هذه الجماعة في الأساس ، مثل كتاب ( تبليغي نصاب ) الذي هو من الكتب المعتمدة لدى الجماعة ، فإن فيه من الخرافات والأقوال الغير صحيحة المخالفة لاعتقاد أهل السنة والجماعة . ولكن هذا القول وهذا التحذير من أهل العلم لا يشمل الأفراد جميعهم وكل من ينتسب إلى هذه الجماعة في أي مكان من العالم ، فإنهم يتفاوتون تفاوتاً عجيباً ، فمثلاً : جماعة التبليغ في بلاد الحرمين يختلفون كثيراً عن جماعة التبليغ في مصر ، وعن جماعة التبليغ في الهند وباكستان ، ولكن يشتركون في بعض الأمور وهي أسلوب الدعوة وما يسمونه بالصفات الست . وعلى كل حال ، الجماعة في أفعالها : هناك أفعال لها أصولها ، وهو الدعوة إلى الله واهتمامهم بذلك ، فهذا له أصله من الشريعة ، وعلى كل مسلم أن يقوم بالدعوة إلى الله تعالى كلما تيسر له ذلك ، وكلما استطاع أن يساهم ، وبالطريقة التي تتيسر له ، فإن الوسيلة لها حكم المقصد ، فإذا كانت الوسيلة مشروعة فلا حرج في استخدامها للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، وذلك بغير إلزام وبغير تحديد أمر معين لحصول هذه الدعوة ؛ فإن الذي يُشترط عليه أن لا يدعو إلى الله إلا إذا خرج ثلاثة أيام أو أربعين يوماً أو أربعة أشهر ، هذه التحديدات لا أصل لها ، فمن استطاع أن يدعو إلى الله يوماً فليدع ، و من استطاع أن يدعو أسبوعاً فليدع ، وليس شرطاً أن يُحدد ذلك بثلاثة أيام أو بأربعين يوماً أو بأربعة أشهر ، والتحديد هذا إذا اعتقد فيه فإنه نوع من الابتداع . وعلى كل حال ، ينظر في كل عمل من أعمالهم على حدة . وفي الجملة قراءتهم في بعض الكتب التي مثل ( حياة الصحابة ) وكتاب ( رياض الصالحين ) من الكتب المفيدة التي فيها خير كثير ، وإن كان كتاب ( حياة الصحابة ) به من الأحاديث الضعيفة الشيء الكثير ويحتاج إلى خدمة لأنه كتاب جيد لو خدم لكان فيه خير كثير ينفع المسلمين على وجه العموم .
إذاً خلاصة القول : أن هذه الجماعة فيها مخالفة لأهل السنة والجماعة في أصولها ، ولكن لا يحكم بذلك على كل منتسب إليها
أقول : يحذر من أخطائها كلمة ( منهج الموازنات ) كلمة محدثة ليس لها أصل في كلام أهل العلم ، والمراد منها : التعبير عن بعض الناس الذين يلزمون من يحذر من جماعة أو شخص أن يذكر كلما حذر من الخطأ الذي تقع فيه الجماعة أو يقع فيه الشخص أنه يجب عليه أن يذكر المحاسن كما ذكر المساوئ ، وهذا كلام باطل ؛ فإنه ليس شرطاً عند التحديث أن يذكر الشخص المحاسن ، وهذه كتب أهل العلم التي تحذر من المبتدعة لا يلتزمون بذلك . وفرق بين القول بأنه لا يشترط و لا يلزم ، والقول بأن من فعل ذلك هو مخطئ أو ضال أو خارج من المنهج السلفي , وقد سئل بعض أهل العلم المعاصرين ومنهم من توفي إلى رحمة الله عن من يوجب أن تذكر الحسنات إذا حذر من السيئات ، فقال : هذا الكلام ليس بلازم ولا يجب على الشخص أن يذكر المحاسن كلما أراد أن يحذر ، لكنه لا يوجد أحد قال : إنه إذا ذكر المحاسن عندما يذكر المساوئ فإنه يخرج من منهج السلف الصالح .
فأقول للأخ جواباً على سؤاله : هل هذا من منهج الموازنات ؟
إذا سئل الشخص عن جماعة أو عن شخص معين ما القول فيه ؟ فإنه يترجم له ويذكر هذه الجماعة بعجرها وبجرها كما يقال . يعني : يذكر كل ما يتعلق بها من خير وشر ، أما إذا أراد أن يحذر من جماعة أو من شخص فإنه يذكر أخطاءه أو يذكر أخطاء هذه الجماعة . فرق بين وقت التحذير وبين وقت الترجمة وبيان الحال بصفة عامة . إذاً ، سؤالنا الآن كان عن بيان الحال بصفة عامة .
وإذا أردنا أن نحذر من الجماعة فإننا نستوفي الأخطاء التي وقعت فيها حتى يحذرها الناس ،
أقول أولاً : هذا الإجماع يحتاج إلى نظر .
والأمر الثاني : أنني أعرف في المملكة من ينتسب إلى هذه الجماعة ، وهو ينكر عليهم أخطاءهم وخرافاتهم ، ولا يعتقد شيئاً من عقائدهم ، وإنما يحاول أن يعلمهم ويستفيد من جهودهم في دعوة الجيران ودعوة بعض الضالين الذين يحتاجون إلى عناية وترفق ، وهم لديهم في ذلك قدرة عجيبة ، فهو يستفيد منهم ويستغلهم ، وهو وغيره يعتبرون من طلبة العلم المجدين ، بل إن البعض يعدهم من العلماء الذين يعتبر قولهم . وقد كان بعض المشايخ الكبار كالشيخ بن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وما زال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله يحسن الظن بهم لأجل هذه الحيثية ، وإن كان المشايخ كالشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين قد بينوا أخطاءهم وتكلموا في أصول هذه الجماعة بعدما بين لهم أصولهم ، ولكنهم قد أحسنوا الظن بهم في بداية الأمر لأجل ـ كما ذكرت ـ انتساب بعض الخيرين إليها من طلبة العلم الذين لا يعتقدون هذه العقائد
والله تعالى أعلم .