بلا انفعال
خواطر لأحبتي أتباع مايسمى منهج المتقدمين
كلمة منهج المتقدمين كلمة براقة تحدث زغلا في العيون ووجلا في القلوب أراها في محبي الحديث ككلمة منهج السلف الصالح في محبي السلفية وككلمة ملة إبراهيم في محبي التوحيد والعقيدة … وكم أوردنا ذلك المهالك !
من منا إذا قيل له هذا منهج المتقدمين من العلماء لايطرب لسماع ذلك وينتشي وتهفو روحه ويرف قلبه ؟
حتى نفس الكلمة عندما توضع في سياق الضدية مع الكلمة الأخرى منهج المتأخرين تحدث للسامع تنويما مغناطيسيا يجعله يميل دون شعور لها دون الأخرى فمن من الناس لايريد التقدم والمتقدمين ومن من الناس يحب التأخر والمتأخرين ؟
لست في هذا المقال بصدد الأخذ والعطاء والشد والجذب في أيهما الأصوب ومناقشة جوانب الخلاف وتحرير الصحيح منها فهذا يحتاج تصانيف ينقطع العمر دونها فلم يبق منه إلا صبابة الإناء وقد انبرى له كثيرون والوصول لنزاعاتهم سهل ومتيسر
إنما هي نفثات كبد حرى أدغدغ بها عقول إخواني الأفاضل المتبنين لهذا التفريق وفي نفس الوقت أنير بها طريق المحبين لعلم الحديث من طلبة العلم المبتدئين ليعملوا فكرهم قليلا قبل الميل لأي من الفريقين …
نحن في هذا الزمان العجيب نعاني معاناة عجيبة مع طرفي الإفراط والتفريط وشربنا العلقم من كأس الغلو في شتى الآفاق والغلو لايأتي بخير .. في كل شيء الغلو لايأتي بخير ..
ولنتأمل خط مسار التعامل مع الحديث ..
لايلتفت لتضعيف ولاتصحيح وهذه ترهات … لابأس بذلك لكن الضعيف يمكن أن يقبل في العقائد وغيرها ..الضعيف يؤخذ به في الفقه إذا عليه العمل .. الضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال .. الضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال بشروط … الضعيف يتقوى بغيره ويعمل به .. الضعيف لايتقوى بغيره إلا بشروط قاسية أو كما يقولون حتى يبيض الديك
أما الصحيح لكي يكون صحيحا يكفي أن يحتج به عالم … بل عالم محقق كشيخ الإسلام .. بل أن يرويه أهل الكتب المعتبرة كالدواوين الستة …ماكان ظاهر إسناده موافقا لشرط الصحيح ولو لم يصححه أحد …..ماصححه الحاكم … ماصححه ابن حبان وابن خزيمة والضياء والهيثمي … ماصححه أو حسنه الترمذي أو سكت عنه أبو داود .. ماصححه حافظ غير متساهل كابن حجر ونحوه .. ماصححه عالم بعد دراسة لطرق الحديث كأحمد شاكر والألباني … ماصححه هؤلاء بشرط وجود سلف لهم في التصحيح .. ماصححه جهابذة الحديث كالبخاري ومسلم …ماصححه صاحب منهج المتقدمين بعد مايظهر له عدم وجود علة له
انظروا … أنتم في أقصى اليسار المتشدد ..
يا أحبة .. دمرتم رصيد الأمة من الأدلة الشرعية .. نحن اتفقنا ألا ننفعل ..
حتى أحاديث الصحيحين لم تسلم منكم .. قلنا لابأس من الحديث عن بعض حروف انتقدها الدارقطني في إلزاماته أو حديث وحديثين انتقدهما ابن حزم أو غيره ولم نسلم لكثير من ذلك فإذا بالباب تفتحونه على مصراعيه ..
أحاديث توارد عليها أهل العلم بالتصحيح والاحتجاج وأحلوا بها فروجا وأرواحا وأقاموا بها الدين على مر القرون فإذا بكم بكلمة من ابن معين أو ابن المديني مسحتموها من الخارطة ..
الحاكم والعراقي وابن الصلاح وابن كثير والذهبي وابن حجر والنووي والسيوطي ومن صنف في علوم الحديث وأفنى عمره في علم الرجال والنظر في كلام النقاد أصبحوا في خبر كان وأنتم صرتم العمدة والمحققين المحررين ..
بالله عليكم ..ءأنتم أعلم بكلام النقاد المتقدمين واصطلاحاتهم وقيمة ما يقولونه أم هؤلاء الأئمة الجهابذة ؟؟ هل خفي عليهم وهم من قل أن يجود الزمان بمثلهم ما ظهر لكم أنتم في هذا العصر وانتبه له المليباري ومن تبعه ؟
جل أحاديث الفقه عللتموها … الروايات التفسيرية أسقطموها .. ما أفنى فيه ابن أبي حاتم عمره ليفسر كتاب الله تعالى به ضربتم عليه بجرة قلم لعلة ذكرها أحد النقاد ونسيتم أن إمام النقاد هو صاحب هذا التفسير …
أما علماء العصر ومن سبقهم فلا ناقة لهم ولاجمل عندكم فلاشيخ الإسلام تصحيحه معتبر ولا ابن كثير ولا ابن حجر فضلا عن أحمد شاكر والألباني
فقط تسودون عشرات الصفحات في طرق حديث لتجمعوا كل ساقطة ولاقطة قيلت في كل إسناد له فتنجدلون طرقه كلها صريعة ثم تصلون عليه صلاة الجنازة ..
ووالله الذي لا إله غيره إن من سبقكم من أهل العلم لأهدى منكم وأعلم وأحكم وأعرف بأقوال النقاد التي لم تنزل عليهم وحيا من السماء …
بالله ألم يمر عليكم من المتقدمين من أعل حديثا بالانقطاع وخالفه غيره فقال بالاتصال ؟
ألم يمر عليكم زيادة أعلت بالشذوذ في كلام إمام واعتبرها من هو أعلى منه زيادة محفوظة ؟
ألم يمر عليكم إمام قال لم يسمع فلان من فلان فإذا به يصرح بسماعه في رواية لم يقف عليها هذا الإمام ؟
ألم يمر عليكم حديث أعله إمام بعلة ثم أعله آخر بأخرى ثم أعله ثالث بثالثة ومع ذلك يصححه إمام جهبذ كصاحب الصحيح مثلا ؟
لماذا لاتكون العلة التي تشبثتم بها خطأ من هذا الإمام كما أخطأ فيما سبق ذكره ؟ وماذا تعملون في تضارب الأقوال هذه في العلل ؟
ألم يحصل معكم أن ذكرتم لبعض من لم يصحبكم أحكاما ورويتم أحداثا لم تذكروها لخاصتكم وأهل بيتكم ؟
ألم يحصل معكم أن ذكرتم حكما أو قصة باختصار ومع حذف ألفاظ في مجالس في حين ذكرتموها كاملة مدققة في مجالس أخرى ؟
قد أشبع كثير من أهل العلم الرد على ما تعلقتم به في ذلك وكما قلت ليس مقالي مجاله ولكن ..
ألا يشعر أحدكم بالزهو حينما يتفرد بالكلام على الحديث وكأنه إمام النقاد ويبدأ وأظنه ولعله وقال فلان فيه كذا وقال فلان كذا وفي النهاية فالحديث منكر جدا فالحديث واه بمرة فالحديث لايصح من وجه من الوجوه …الخ
لقد لبستم حتى على العوام وطلبة العلم الصغار حتى سقط من أعينهم العلماء الكبار الأجلاء وأصبح يغريهم أن يسمع أحدهم سواء أكان فعلا من علماء هذا الفن أم من المتطفلين عليه وهو يقول أعله فلان بالانقطاع ورفعه فلان والصحيح وقفه لأن فلانا أوثق من فلان والحديث رواه عن فلان فلان وفلان وفلان فجعلوه من مسند فلان وهو وهم ورواه فلان وفلان وفلان فرووه من الطريق المحفوظة ….الخ
والعامي وطويلب العلم ياغافل لك الله مايدري ماتقولون إلا أنه يقول هذا كلام علماء كبار لأني لم أفهم منه شيئا !
أحبتي .. والله لقد جنيتم جناية عظيمة على السنة والآثار وحجرتم واسعا وضيقتم على المسلمين وأجحفتكم في حق علماء الأمة الأكابر وزكيتم نفسكم تزكية عظيمة من حيث لاتشعرون … فهل تعيدون النظر ؟؟
أعرف أن كثيرا مما ذكرته ربما يقرؤه بعض الإخوة لأول مرة ولايفهم ما القصة ولذا فهذا رابط لمن استطاع أن ينظر في تلك المسألة وبالله التوفيق