#قصتي_مع_آل_سعود (آل سعود رأس الأفعى فاقطعوها) 1437 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..أما بعد
فهذه أربع حلقات نشرناها قبل قرابة سبع سنوات عل حساب الفيس الأصلى المحذوف وكذا في الموقع الذي سرق ضمن معارك القوم معنا .. ولم يكتب الله لي أن أتمها ولكن بالأمس ذكرني بها أخ عزيز وولد حبيب وتلميذ نجيب فبحثت له عنها في الشبكة فلم أجدها إلا في موقع واحد .. فقررت نشرها وإن كنت قد توقفت منذ فترة طويلة عن استكمال رفع المؤلفات السابقة والتسجيلات والمقالات على الموقع الرسمي لكثرة المشاغل
وهاهي بين أيديكم .. نفع الله بها
#قصتي_مع_آل_سعود (آل سعود رأس الأفعى فاقطعوها)
بقلم : د . محمد رزق عبد الناصر طرهوني
الحلقة الأولى (بذرة مرحلة الإعجاب)
كنا شببة متقاربين
محمد رزق طالب مصري في الثانوية (الطرهوني)
نبيل أحمد شيبة الحمد طالب مصري في الثانوية زميلي (الطبيب الاستشاري بالمستشفى العسكري بالرياض)
خالد بن عبد العزيز الجبير طالب من الرياض في كلية الطب (عقيد متقاعد طبيب استشاري جراحة القلب والداعية المعروف)
عبد الله بن عبد العزيز العبدان طالب من مكة في كلية الطب (المشرف على مكاتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وصاحب عيادات الأسرة الشاملة بمكة)
سعود بن محمد البارود طالب من الطائف في كلية الأسنان (رئيس قسم الأسنان واستشاري التركيبات في المستشفى العسكري بالرياض)
http://ift.tt/1O13nCT
سميح أحمد شيبة الحمد طالب مصري في كلية الطب(طبيب العيون الاستشاري بالمدينة المنورة : رابط محاضرة له
http://ift.tt/1Zk9p25
)
أحمد أبو رحاب طالب مصري في الثانوية (الطبيب الخاص استشاري قلب بقصر عبد الله بن عبد العزيز الملك السابق)
عصام أحمد شيبة الحمد طالب مصري في كلية الطب (طبيب بمصر)
علاء شمس طالب مصري في كلية الطب (طبيب بمصر)
اجتمعنا على الحب في الله .. جمعنا المسجد وحلقات القرآن فتآلفت قلوبنا وتلاقحت فهومنا ..
كنا نلتقي خارج المسجد وغالبا في بيت آل شيبة ووالدهم موجه قديم في اللغة العربية رحمه الله وكان لنا اجتماع أسبوعي ترفيهي بريء لانعمل فيه إلا ما كنا نرى أنه لايغضب الله تعالى نختمه بركيعات في آخر الليل ثم نتجه لصلاة الفجر في المسجد .. نتبادل فيه بعض المعلومات الشرعية ونتطارح فيه ببعض الأبيات الشعرية كل يأتي ببيت شعري يبدأ بقافية البيت الذي طرحه أخوه ونلعب لعبة المونوبولي أو ما يسمى بنك السعادة ولم نكن نرى حرجا فيها وقتها حسب معلوماتنا ونطعم طعامنا في ألفة ووئام .
هذه المجموعة كانت فاتحة تعرفي على بلاد الحرمين البلاد المباركة ، من خلالها بذرت في نفسي بذرة محبة أهل هذه البلاد بجانب شجرة حبها المعمرة في قلوب المسلمين أجمعين .
كانت مجموعة رائعة في دينها وخلقها وسلوكيات من حولها فقد كان عبد الله متزوجا وكذا خالد الجبير فكنا نلمس الحشمة والديانة بصورة لانعهدها في أسرنا خاصة آنذاك حيث كان الحجاب نادرا جدا والاختلاط والتبذل هو الصفة السائدة .
فأي بلد وأي قيادة هذا نتاجها ؟ وكيف يعيش هؤلاء بهذه الصورة في بلدانهم ونحن نشعر بغربتنا في بلادنا ؟
جمعني مع سعود البارود رحلة دعوة مع جماعة التبليغ أيام الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله وكان معنا من الأعلام وقتها الدكتور شكري عرفة رحمه الله وهو من كبار أطباء مصر وأساطين جماعة التبليغ فيها وكان جارنا وحبيبنا وكثيرا مايصلي معنا في مسجدنا حيث كان يتناوب بين القاهرة وأشمون ولي قصص معه ومع مجلس شورى الجماعة في فترة تركي لكلية الهندسة ومع غيرهم من توجهات أخرى لامجال لذكرها هنا .
والمهم خرجنا مع الدكتور شكري ومعنا أحد كبار رجالات الدعوة وهو رجل محاسب اسمه إبراهيم ولا أذكر لقبه ومعي كما قلت سعود البارود وذهبنا لبعض القرى أذكر منها قرية تسمى دلهمو والشاهد في القصة : كان البيان على سعود البارود فألقاه باللغة العربية الفصحى وكان حول أنواع التوحيد وأهمية التوحيد على منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكان بطبيعة الحال أسلوبه غريبا ويعتبر بالنسبة للعامة معقدا وكلاما لايدرس عندنا في مدارسنا ولا نسمعه من الشيوخ والدعاة وقتئذ .
كان سعود مطلعا ومحبا لتلك المسائل وكان له دور كبير في توجيهي لها ودلني وقتها على مجلة التوحيد لأنصار السنة وأهداني منها بعض الأعداد فقد كانت علاقتي به من أوثق علاقات المجموعة وكان يسكن وحده مما سهل لي التواصل معه أكثر من غيره .
أما خالد جبير مثلا فمع نقاشاتنا لكن ربما أخذت منه سيارته الداتسون لأمارس بها بعض ألعاب الشباب مما يسمى اليوم تفحيطا .
نعود لسعود البارود : تناقشنا كثيرا في حال الأضرحة في مصر وكيف نحارب الشرك الأكبر المنتشر فيها وكنت وقتها متحمسا جدا حماسة الشباب حتى إني كنت أقترح هدمها بالقوة وتدارسنا نشر منشورات عن التوحيد فيها وما يمكن أن نتعرض له مما قد يصل للقتل .
وكان سعود أعقل مني وشديد التريث فكبح جماح أفكاري الحماسية وقد خصني بهدية ثمينة كانت بالنسبة لي كنزا ضممته مع بعض كنوزي اليسيرة كصحيح البخاري وشرح مسلم للنووي وفقه السنة وغيرها ألا وهو كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ولازالت النسخة عندي ومعها ورقة الإهداء جعل الله ذلك في ميزان حسناته .
الحلقة الثانية (تمكن الإعجاب)
كان سعود يشنف أسماعنا بصوته الشجي في مقرأة الفجر حيث كان يقرأ بطريقة لم نكن نعهدها عرفت فيما بعد أنها طريقة إمام الحرم المكي بعدما زرت بلاد الحرمين في المرة الأولى فيثير الوجد في نفسي على تلكم البلاد
عندما نجحت في الثانوية وكنت تخصص رياضيات لم يكن أمامي سوى كلية الهندسة بجامعة القاهرة كأفضل كلية فالتحقت بها ونظرا لتوجهي الإسلامي انخرطت فورا في الجماعة الإسلامية لطلاب الكلية وليست بتنظيم الجماعة الإسلامية الذي عرف بذلك فيما بعد وإنما هي جماعات في كل كلية تتبع في نهاية الأمر لتوجهات الإخوان المسلمين ولم نكن نحن بطبيعة الحال على تواصل مباشر مع القيادات العليا ولكن بدأنا العمل الطلابي بلباس إسلامي عن طريق الترشح لاتحاد الطلاب في الكلية مما يمكننا من نشر مطويات دعوية وبيانات توجيهية وتقديم خدمات طلابية متعددة وضبط بعض الأمور وفق الشرع وعمل معارض ويوم إسلامي به ندوة وصيام وإفطار ونحو ذلك فكان ترشحي للجنة الجوالة وتم اختياري رئيسا لها لكني لم أتمكن من إنجاز شيء فيها لصعوبة ضبطها وفق الشرع وإنما تم استغلال الموقع في الأمور الأخرى بصفتي ممثلا لطلاب الكلية ورئيس لجنة في الاتحاد .
كان أمير الجماعة الإسلامية فرع كليتنا يسمى أمير في حين كان أمير جماعة طب حلمي الجزار وهكذا لكل كلية أمير وكانت هناك تنسيقات بين جماعات الكليات فربما تم تنظيم مظاهرة تتجمع في ساحة جامعة القاهرة ويأتينا أحد العلماء أو الدعاة لإلقاء خطبة نارية كالشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله ونقوم نحن بإنشاد الأناشيد الإسلامية بحماس وبصورة جماعية والتي لازال سوقها رائجا لليوم :
مسلمون مسلمون مسلمون حيث كان الحق والعدل نكون..
أخي أنت حر وراء السدود أخي أنت حر بتلك القيود…
في حماك ربنا في سبيل دينا لا يروعنا الفنا فتول أمرنا واهدنا إلى السنن واهدنا إلى السنن…
ونحو ذلك ..
كنا نبغض الحكام بغضا شديدا ولم نكن نفرق بين موضوع التكفير العيني والوقوع في المكفر ولانعرف شيئا عن هذه المسائل بصورة علمية فكان التكفير لهم أمرا هينا وسهلا علينا لكونهم لايحكمون بالشريعة وينشرون الفجور والإلحاد في وسائل الإعلام المختلفة ويحاربون المطالبين بشرع الله ويسجنون العلماء ولم نكن نلتفت كثيرا لمسألة الولاء والبراء .
لكن سيتغير الأمر بالنسبة لحكام الجزيرة …
كان من إنجازات اتحاد الطلاب تنظيم رحلة للعمرة في فترة الإجازة وكنت أتلقى مكافأة شهرية تصرف للمتفوقين من الدولة فتمكنت من توفير ثمن الرحلة وكانت آنذاك بضعة وثمانين جنيها لتذاكر الطائرة والتكاليف اللازمة
طار قلبي فرحا ستطأ قدمي أرض الحرمين وسأرى بيت الله الحرام والمدينة المنورة هل أنا أحلم أم أن ذلك حقيقة تتجسد اليوم ؟ طبعا هذه أحداث من قرابة أربعين سنة فنسيت الكثير والكثير من المعلومات والأحاسيس التي عشتها والمجال أصلا لايسمح بالتبسط في تلكم الأمور
كان ذلك في عام 1399 هـ وكان العزم على أداء العمرة في رمضان والبقاء إلى الحج في نفس الموسم ومحاولة الالتحاق بأي عمل لحين مجيء وقت الحج .
تفاصيل ما حدث كثيرة ومتشعبة ومليئة بالمغامرات لاسيما وقد سرقت في الحرم المكي وفقدت جوازي وتذكرة عودتي وغير ذلك لكن سنركز على ما يفيدنا في موضوعنا .
هبطنا من سماء الحرمين إلى الأرض المباركة فرأينا ما لم نعهده قط في بلادنا فهالنا مار أينا ووقع من قلوبنا كل موقع :
بلد حرام هي مهوى أفئدة المسلمين تخدم خدمات جبارة لأول مرة نرى هذه الأعداد الغفيرة من المصلين في مكان واحد .. الأئمة ملتحون يلبسون الثياب .. العلماء كذلك .. حتى الجنود ملتحون يا ألله !! بل وبعضهم بثياب ويضع على رأسه الشماغ ؟ نحن أعظم مشكلة عندنا حلق اللحية الإجباري أو السجن العسكري .. هنا لا يوجد شيء من ذلك .
النساء هنا يلبسن ما كنا نسميه آنذاك الإسدال .. كل النساء ياللروعة ! أكبر مصائبنا في بلادنا النساء ..نفتتن بهن في كل مكان .. والأخت التي تريد فقط أن تلبس خمارا وجلبابا تضرب من أهلها وتحارب من كل جهة من الأهل والجيران وسائر المجتمع فكيف بمن تلبس إسدالا ؟
هنا الرجال يلبسون اللباس الإسلامي الثوب أو الإزار وأغلبهم يلبسون العمامة أو ما يقوم مقامها من شماغ أو غترة وأكثرهم ملتحون حتى إن الحليق هو الذي يعتبر شاذا في هذا المجتمع …
هنا شيء عجيب تغلق المحال وقت الصلاة ويكتفي البائع بوضع ملاءة على بضاعته فلايسرق منها شيء ..
وما هذا ؟ شيوخ ومعهم جنود يأمرون الناس بالصلاة وإغلاق المحال ؟ نحن في كوكب آخر أم عدنا لعهد السلف الصالح ؟ إنها هيئة تابعة لحكومة هذه البلاد تسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
سبحان الله .. ما هذا الذي نراه .. اليوتوبيا ؟؟
أين لوحات الأفلام والدعايات المليئة بالنساء العاريات ؟ الشوارع لايوجد بها صورة ؟! لا .. ليس الأمر كذلك بل لاتوجد صورة واحدة للزعيم الأوحد ! هل يعقل هذا ؟ أين صورة الملك التي على الأقل المعتاد أنها تملأ الشوارع والإشارات ؟
أين السينما أين المسارح أين المراقص أين الكباريهات ؟ لايوجد شيء من ذلك ..
سبحان الله يوجد بعض المتطرفين أمثالنا وأشد منا لايتركون امرأة سفرت عن وجهها وهي عندنا تعتبر نعم الأخت إلا ويأمرونها وبغلظة أحيانا غط وجهك يامرة ! ولا يجدون مدخنا إلا ويقولون الله ارم الدخان ! ولايجدون بائعا يرفع صوت مذياع على شيء من الموسيقى إلا وينهرونه ويأمرونه بإغلاقه
عجيب جدا ! ولا أحد يتعرض لهم ولايكلمهم بل ويحترمون من الناس حتى بدأنا نقلدهم وسمعنا لأول مرة لفظة غريبة يطلقونها علينا : حاضر يامطوع !
المحلات لاتوجد بها ملابس عليها صور للنساء بالملابس الداخلية ولا مانيكانات .. لايوجد تماثيل في الشوارع ؟؟ ولاتمثال ؟ ياويل الفن والفنانين في هذه البلاد ..
عرفنا أن هذه البلاد تطبق فيها الحدود فتقطع يد السارق وتضرب رأس القاتل بالسيف ويجلد شارب الخمر ..
عرفنا أنهم هنا لايحكمون بالقوانين الفرنسية بل القاضي شيخ من العلماء يحكم بالشريعة من خلال فهمه للكتاب والسنة وليس استنادا لقوانين وضعية درسها فيما يسمى بكلية الحقوق والتي لايوجد لها مثيل في هذه البلاد .
داخل الحرم وجدنا الدروس العلمية ..حلقات متعددة في فنون من العلم جلست عند الشيخ عبد الوهاب البنا واستفدت منه ثم تعرفت عليه وعلى أخيه بعد ذلك عن قرب في رحلتي الثانية رحلة هجرتي عن طريق الشيخ علي بن مشرف العمري .
هؤلاء هنا يختمون القرآن في رمضان … ياللهول وكل الناس تختم معهم ؟ نحن عندنا الإخوة المتزمتون فقط يفعلون ذلك وفي مساجدنا الخاصة ؟ والعجيب صلاة التهجد التي يختمون فيها مرة أخرى في تسعة أيام فقط ويطيلون الركوع والسجود بصورة عجيبة وعامة الناس معهم .
وجدنا الماء البارد موفرا للزوار ووجدنا سفر الإفطار تملأ الساحات ولم نكن نعرفها إلا في اليوم الإسلامي في مسجدنا أو كليتنا ..
وجدنا ساعات غريبة معلقة في الحرم بجوار الساعات التي نعهدها سألنا عنها قالوا هذا توقيت غروبي كل يوم تضبط على الساعة 12 وقت المغرب لأن اليوم الإسلامي يبدأ من المغرب وأما الساعات الأخرى فتسمى توقيت زوالي يمشي عليها بقية العالم .
هذا كله كوم .. ومسألة التوحيد التي عرفناها كوم آخر فهذه البلاد لايوجد فيها مسجد الحسين ولا السيدة زينب ولا مولد سيدي البدوي ولا أبو السعود ولا الأباريقي .. بل لايوجد هنا احتفال بالمولد النبوي لأنه بدعة وكل عام يتم تنبيه الناس لذلك ويوجد هنا هيئة للبحوث والدعوة والإرشاد توزع على الناس كتيبات التوحيد وكيفية الصلاة والنهي عن البدع وما إلى ذلك ..
الخلاصة التي توصلنا إليها أننا في بلد حكامها يختلفون جذريا عن حكامنا لكن لازال عندنا ماتجذر في نفوسنا من بغض الحكام واعتقادنا خيانتهم فاشمأزت نفوس بعضنا من دعوات إمام الحرم للحاكم بل وصل الأمر أن قابلنا بعض الغلاة يكفرون أئمة الحرم لأجل ذلك ويمتنعون عن الصلاة خلفهم ويقيمون جماعة أخرى لهم في الدور العلوي من الحرم ولا يضبطون ساعاتهم إلا على التوقيت الغروبي .
كنت ممن نفرت من هؤلاء وشعرت بغلوهم وقلت في نفسي ماذا تريدون من خير أكثر مماترون ؟ سبحان الله هؤلاء مارأوا مارأيناه لكي يحمدوا الله على النعمة العظيمة التي يعيشونها في ظل هؤلاء الحكام …
عرفنا فيما بعد أن بعض هؤلاء من جماعة جهيمان والتقينا بهم لاحقا ليخبرونا بالمهدي وخروجه ..
ونكمل في الحلقة الثالثة إن شاء الله
الحلقة الثالثة (الحلم باللحاق بأرضهم)
قابلت أحدهم وأصر أن يغير ساعتي على التوقيت الغروبي فرفضت حيث لم أقتنع بشيء مما قاله وكنا نصلي خلف أئمة الحرم ونعتزل هذه المجموعة التي اعتزلت الناس ..
مر رمضان وتعرفت خلاله على بعض الإخوة من جدة كانت لهم خوخة في الحرم وهي غرفة صغيرة كانت تستأجر بمبلغ كبير للاعتكاف وكان لهم مكتب هندسي فرتبنا أن أعمل معهم لحين الحج وتم ذلك فتنقلت في بعض الأعمال معهم نترك تفصيلها وكانوا من الفلاتة فكانت تمر بعض المواقف لا أتفهمها آنذاك كان مرجعها العنصرية المقيتة التي زرعها آل سعود وأذكوا شرارتها بين أفراد رعيتهم لأنها تخدمهم تبعا لمبدأ فرق تسد .
من ضمن عملي كنت في ورشة للحدادة مع إخوة سودانيين وكنت أعتزل غرفتهم في النوم لأنهم كانوا يفتحون التلفاز وربما تأتي به حفلات غنائية لمغنيات ساقطات وكانت سلبية كبيرة لم ألتفت لها جيدا لقرب عهدي بما هو أعظم من ذلك وأطم ببلادي وذابت مع نشوة الانبهار بالأمور الأخرى التي رأيتها رائعة لحد كبير .
حججنا في خيامنا الخاصة حيث كان آنذاك كل ينصب ما يشاء ليتقي به لظى الشمس وكانت الذبائح تذبح بين الخيام حتى نطأ أحيانا البقرة والشاة ونحن نمشي من مكان لآخر .
ومن طرائف ما حصل أني فوجئت بأحد الإخوة يصيح بي ليلا يا محمد انتبه اخلع فانيلتك لايجوز لبس ذلك في الإحرام ! فتعجبت وقلت له لست لابسا شيئا ! فنظرنا فإذا لون جسدي كان قد تأثر بحرارة الشمس أثناء العمل في ورشة الحدادة فاسمر ماحول الفانيلة فظهر جسدي وكأنني ألبسها حيث لم يكن ثم إلا ضوء القمر .
التقينا في الحج ببعض الإخوة الذين قابلناهم في الحرم يصلون وحدهم وبدأ التهامس أن المهدي سوف يخرج هذه السنة .. تمنينا ذلك لكن أنى لنا التصديق وليس لدينا ما يدلل على ذلك .
سارعت بالعودة لمصر من أجل الموسم الدراسي الذي بدأ وتأخر بعضنا فإذا باليوم المشهود ونحن بالجامعة ونسمع الإخوة يتداولون لقد خرج المهدي في الحرم تابعنا الأمور بشغف وكنا مجموعة نجتمع في بيت أحدنا حيث والده كان مسافرا وهم حاليا من كبار المهندسين الاستشاريين المهندس : م . م .ج ، وأخوه المهندس : ح . م . ج ، والمهندس محمد منصور رحمه الله وكان أكبرنا المهندس : ط . ب فكنا نقرأ رسائل جهيمان التي تحصلنا عليها من الإخوة في بلاد الحرمين وأعجبنا بما فيها وكان يشكل علينا تكفيرهم في بعض الطبعات الأولية لآل سعود وقد حذف ذلك من طبعات لاحقة .
كنا نود أن يكون الأمر حقيقة ويكون الرجل هذا هو المهدي فعلا وظللنا على هذا الأمل حتى بعد إعلان مقتله كالعادة المتبعة من الأتباع المغيبين فصدام لم يمت عند جمع ومرسي سيعود عند جمع آخر ونحو ذلك
وأخيرا تكسرت أحلامنا على صخرة الحقيقة ولم نستطع معرفة حقيقة ما جرى لأنه _ ولم نكن ندرك ذلك جيدا _ من سياسة هذه الحكومة الخبيثة آل سعود تغييب الشعب بل والعالم أجمع إن استطاعت عن الحقائق وتسريب معلومات مقتضبة ضئيلة جدا تشوه صورة خصومها وتظهرها الحكومة الصالحة المتبعة للشريعة بقدر الاستطاعة وأن أي مخالفة قد تكتشف فهي مبررة بالقدرة المحدودة .
المهم إخواننا الذي بقوا تم القبض على جمع منهم وكان من ضمنهم صديق لي من أوائل الدفعة اسمه مميز يبدأ ب (م) ونسيت اسم والده وقد تعرضوا في سجون آل سعود لتعذيب شديد ولم يكن لهم في الأمر ناقة ولا جمل حتى إن بعضهم كان يربط من ذكره لكي يظل واقفا ولا يجلس ويحبس عن البول !
ظهر لنا شيء يسير من الوجه القبيح لتلك الحكومة الخبيثة لكن كان يجملها أنه وصلنا أنهم كانوا يأمرون السجناء بالصلاة وكان ذلك بالنسبة لنا كافيا لغض الطرف عن (ربط الذكر) فحكومتنا كانت تسجن في السجن الحربي من يتهم بأنه ضبط متلبسا بصلاة الفجر !!
رجوعي من بلاد الحرمين كان نقطة تحول كبيرة في حياتي فقد كرهت الاختلاط في الجامعة ولم أعد ألبس لباس قومي الذي أصله التشبه بالكافرين فالتزمت لبس الثياب وأقلعت عن أمور كنت أتساهل فيها فقد حججت وعزمت على الحفاظ على حجتي وتعلق قلبي وروحي ببلاد الحرمين ورأيت أنها المجتمع الذي لو عشت فيه سأنعم بالحياة الإسلامية المنشودة .
أخرجت ما في سريرتي للبعض فكان يقول لي السعودية ثلاجة الإخوة الذي يذهب إليها يبرد حماسه وغيرته على الأمة ويركن إلى الدنيا .. فلم أنس كلامه لكني لم أعره اهتماما كبيرا .
كنت قد اشتريت من بلاد الحرمين دراجة نارية (موتوسيكل) حتى أكتفي شر الاحتكاك بالنساء في المواصلات العامة فكنت أذهب به للجامعة قليلا حتى لا أفصل وذلك في السنة الثالثة لي .
تكثفت أنشطتي في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة وأنا لازلت تحت مظلة الجماعة الإسلامية لكنني الوحيد أو يوجد فرد آخر أو اثنان فقط في الجامعة نلبس الثوب حتى دخل ذات مرة أحد الدكاترة وكنت أكتب حديثا دعويا في سبورة المدرج فانصرفت فإذا به يناديني : يا باشمهندس ! قلت نعم يا دكتور . قال لي : لماذا أنت عريان ؟! قلت يا دكتور أنا ألبس لباسا والحمد لله فقال لي أنت عريان هذا لبس تلبسه إن شئت في النوم أما وأنت مهندس فتلبس بدلة محترمة .
أقامت جماعة شيوعية معرضا ونصبت له خياما في ساحة الكلية فقمنا بتكسيره وكان يراقبنا عميد الكلية ووكيلها آنذاك فرأوني وأنا أهدم خيمة الشيوعيين وسألوا من هذا فقيل لهم فلان . وطلبت في المساء لدى وكيل الكلية الذي كان عضوا في نوادي الليونز الفرنسية ويتكلم كالنساء وببعض الكلمات الفرنسية فما كان منه إلا أن أنكر علي لباسي بطريقته الأنثوية وألفاظه الفرنسية فقلت له مقلدا له : باردون باردون هذا لباس النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : هذا لباس أبو جهل . فضحكت منه وصعبت عليه الأمر وقلت : أبو جهل كان يسبل ثيابه . فلم يفهم لصعوبة المصطلح عليه .
هذه مناوشات يسيرة من كثير كان يبغض إلينا مجتمعنا ويظهر في مقابله مجتمع بلاد الحرمين جنة الدنيا بالنسبة لنا .
كان من ضمن النشاطات الاحتسابية والتي كنا نقوم بها دون نظرة علمية منضبطة الذهاب لإنكار الحفلات التي تقام في الكليات ومنعها ولو بالقوة ونجحنا في بعض ذلك كمنع عرض فيلم في كلية الفنون الجميلة ! نعم كلية الفنون الجميلة التي هي في الأصل قائمة من أساسها على المنكر ولكن كان هذا اجتهادنا في ذلك الحين وبتوجيهات من قيادات تنضوي تحت عباءة الإخوان .
ومن الخلل الذي كنا فيه وغياب التوجيه العلمي المنضبط فرحنا الشديد بثورة الخميني وخروجنا مظاهرات مؤيدة في بداية إعلانها لمجرد رؤيتنا للحى وعمائم رجالهم ولباس نسائهم الذي كان يمثل الحجاب الشرعي لنا في الجملة وكلمة إسلامية مع جهلنا التام بالشيعة ومذهبهم حيث لايوجد لهم أثر آنذاك في مصر إطلاقا .
المهم جاءت اللحظة الحاسمة لمفارقتي للجماعة الإسلامية وتحولي لمنهج آخر .
أعلنت كلية الطب عن حفلة ستقام في ربوعها تحييها فرقة خليعة تسمى الفور إم وهي عبارة عن أربع بنات راقصات وأخوهم يقودهم فثرنا وقلنا لن نسمح بتدنيس الحرم الجامعي بمثل ذلك فتم تجييش الطلاب من سائر الكليات ووقتها جهزت بعض العتاد معي كعصا وتجاوزت بوابة الكلية بدراجتي النارية بالقوة ودخلت مع الإخوة واعتصمنا وطوال وقتنا أناشيد حماسية وأعلنا أننا لن نسمح بإقامة الحفل ولو على جثاميننا .
وإذا بعميد الكلية يحصل بينه وبين قيادتنا مشادة ويتصل على رئاسة الجمهورية ويرسل السادات لواء من الأمن المركزي فيحيط بالكلية ويتهددوننا إما الخروج وإفساح المجال للحفل أو مواجهة الأمن المركزي والضرب والاعتقالات .
ارتأت القيادة الانسحاب بعد هذا التطور .. لكني كانت لي وجهة نظر أخرى مع ارتفاع درجة الحماس عندي وتألمت لهذا القرار وقلت طالما أنكم لستم أهلا لشيء لماذا تخوضونه ؟ ولكن كلمة المجموع نفذت وخرجنا نتفرج على شاحنات الأمن مترعة بالجنود المدججة وأقيمت الحفلة الماجنة .
قيل لنا الاجتماع في مسجد صلاح الدين في أول منيل الروضة وإمامه الشيخ عبد البديع صقر فقلت لهم : لا والله .. هذا فراق بيني وبينكم .
وكانت الفاصلة بعدها تزايد عندي الميول العلمية السلفية مع قراءتي لكتب الحديث وتحقيقات الشيخ الألباني والدعوة السلفية .
وهنا وجهت لي دعوة من أخوين عزيزين الدكتور : خ . ف (وهو تقريبا حاليا مستقر بلندن ذو توجه دعوي بحت ) وأخيه الدكتور : ي . ف (وتقريبا ترك الأمر الدعوي) بعدما علما بانفصالي عن الجماعة الإسلامية وإنكاري طريقتهم ومنهجهم وأعدوا لي (تورتة) وجلسنا وتشاورنا فقد كانا يعرضان علي فكرة جماعة الجهاد وأن هذا توجه جديد سيعجبني .. ولكن كان قد تمكن مني التوجه السلفي العلمي فرفضت الفكرة .
بدأ انفصالي عن مجتمعي يتفاقم عندما قررت ترك كلية الهندسة ومحاولة الالتحاق بهندسة الأزهر حتى أتجنب الاختلاط وباختصار فشلت المحاولات بالرغم من الوساطات لشيخ الأزهر لكون تخصصي رياضيات وليس ثانويا أزهريا .
تركت الجامعة وتفرغت لحفظ القرآن والقراءة في كتب العلم وبدأ صراع أهل الدين معي فالأزهر أغلق بابه دوني والإخوان دبج بعضهم خطبا للجمعة عن الطالب المتفوق الذي ترك دراسته وانشغل بطلب العلم الشرعي والخلل في ذلك وجماعة التبليغ عملوا لي مجلس شورى لإثنائي عن قراري والاستمرار والدعوة والجمعية الشرعية ممثلة في بعض طلبة العلم فيها رتبوا لي جلسة مع الشيخ أسامة عبد العظيم ليثنيني أيضا عن قراري فلما جلست معه وحاورته كمناظر لا كمستفهم وكان آنذاك يحضر رسالته في الماجستير لم يكمل نقاشه معي وحث الشباب على عدم تمكيني من الخطابة وكذا عدم تدريسهم كتب شيخ الإسلام ابن تيمية حيث كنت أحاول نشر منهج شيخ الإسلام بين الشباب .
في الحقيقة التفاصيل تطول وقد تمل القارئ ونبتعد كثيرا عن موضوعنا .. لكن نظرا لتعلق ذلك بزيادة في أسهم إعجابي ببلاد الحرمين والقائمين عليها نعرج على ماتيسر .
عشت الدور كما يقولون دور طلب العلم بعدما عايشت كتب الألباني والباعث الحثيث وتنوير الحوالك ومن قبل البخاري وشرح النووي لمسلم وغيرها فسمعت أن هناك عالما باليمن محدثا يرحل إليه فقلت : عليك بالرحلة إليه فتمت رحلتي الأولى لليمن السعيد إلى مركز دماج للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله حيث رأيت في طريقي إليه شرك القبور أشد من عندنا بمصر وهبطت على قريته فإذا بها قرية للشيعة الزيود والشيخ هو العالم السني الذي يربي تلامذة له ليغير القرية إلى منهج أهل السنة وكانت أحداث نتكلم عنها في الحلقة الرابعة بإذن الله .
الحلقة الرابعة (مع الشيخ مقبل والعزم على بلاد الحرمين)
وقفت السيارة على مشارف دماج والأرض الصحراوية القاحلة تتحدث عن بيئتها المتواضعة ولمحنا رجلا نحيلا يلبس ملابس رثة يمشي حافيا في قطعة من تلك الأراضي فسألناه أين نجد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي فتبادلنا الأسئلة والأجوبة لنكتشف أن هذا الرجل هو نفسه الشيخ مقبل رحمه الله .. شرفت باستضافته ورأيت جهوده المباركة في تعليم أبناء القرية الشيعية عقيدة أهل السنة والجماعة وتحفيظهم الأحاديث الصحيحة مع كتاب الله سبحانه حتى أنشأ لهم مدرسة وجلب لها مدرسين سودانيين وكان الشيخ لحسن حظي تلك الفترة خلوا من الطلاب الوافدين عليه سواي فاعتنى بي نوعا ما وكان يشاركني الدروس عليه أولئك المدرسون وأحيانا أخ يمني من تلاميذه أظنه يسمى عبد العزيز . كان الشيخ يقدمني لأصلي بهم لكوني أحفظ القرآن لتمسكه بالسنة في ذلك وكانت الدروس بعد كل صلاة بعضها في الباعث الحثيث والبعض في فتح الباري ونحو ذلك .
أعطاني الشيخ رسالة صغيرة في الجهاد مطبوعة في الكويت أتدرب فيها على التخريج ودراسة الأسانيد وكان للشيخ رأي في وجوب التجويد فكتبت مستعينا بمكتبته العامرة بحثا يسيرا أثبت له به وجوب التجويد ولازالت لدي بعض القصاصات المتعلقة بما تقدم ولولا ظروفي الأمنية حاليا حيث ابتعدت عن مكتبتي لأرفقت صورا لها .
لا أنسى صورة ابنة الشيخ أم عبد الرحمن وهي ربما في الخامسة أو السادسة من العمر وهي بعباءتها السوداء التي تغطيها بالكامل وتحمل على رأسها صينية الطعام وتنادي من بعيد على والدها ليأخذها منها
كانت جلسة البخاري بين العشاءين ومر علينا حديث حمل السلاح في الحرم فكان الشيخ يتألم لما حصل من الإخوة مع جهيمان ويقول كيف غفلوا عن هذه الأحاديث وأدخلوا السلاح الحرم .. والشيخ وقتها كان يرى كفر الحكومات قاطبة بما فيها حكومة آل سعود ولم أكن أعلم منه ذلك . وكان يحدثنا أن بعض الإخوة في جماعة جهيمان إنما أوتوا من الغلو والعجب حتى كان بعضهم يلقب بعضا بصحابة هذا الزمان .
كان أهل القرية الزيود يحترموننا كثيرا لأجل الشيخ وكانوا لايتقدمون على أحد علينا إذا جئنا للصلاة في مساجدهم وكنا نستقذر حالهم حينما يستنجون ويتوضؤون جميعا في بركة راكدة في باحة المسجد وطبعا لابد من خلع سراويلاتهم مع نعالهم قبل الصلاة ثم يلبسونها إذا خرجوا .
كانت أول خطبة لي فيهم عندما صليت معهم الجمعة وكانت في التوحيد والنهي عن الشركيات التي يفعلونها مع السادة والأضرحة . اجتهدت في موضوع الخطبة ولم أستشر الشيخ ومر الأمر بسلام فإذا بالشيخ يحمد الله على سلامتي ويقول لي الحمد لله أنك مازلت على قيد الحياة .. وقد كاد حماس الشباب أن يتلفني .
تكفلت بالتدريس في قرية مجاورة فكنت أنا مدير المدرسة والمدرس بل والحارس فلا أحد فيها غيري وكانت جميع السنوات الابتدائية في فصل واحد آتي في الصباح فأفتح المدرسة ويتجمع الطلاب وتأتي بعض نساء القرية من الرعاة بلباسهن الأسود وتنظر من بعيد لتتعجب من الأستاذ الجديد وما يفعل مع الطلاب .
أسررت للشيخ مقبل أنني مفتون ببلاد الحرمين وقد تركت جامعتي أملا أن أهاجر لهذه البلاد المباركة التي كنت أرى أن الإسلام مطبق فيها كما ينبغي وأما القصور فلا يسلم منه بشر وأنني قد تقدمت لجامعاتها لعلي أقبل فيها لإكمال دراستي في تخصصات شرعية بعيدا عن الهندسة فكان مما نصحني به الشيخ رحمه الله أن أذهب إلى سماحة الشيخ ابن باز وأقول له إنني قد جئت لك من عند الشيخ مقبل ويوصيك بي خيرا كما دلني على صديق له وهو فضيلة الشيخ علي بن مشرف العمري وقال لي هو إمام مسجد قباء بالمدينة المنورة وحثني على اللجوء إليه عند الحاجة .
التقيت عند الشيخ مقبل بشيخ مجاهد من اليمن الجنوبي لا أذكر اسمه وقد زار الشيخ زيارة سريعة وحكى له أحوالهم في قتال الشيوعيين هناك وطبعا كانت المرة الأولى لي لأستمع لبعض أخبار الجهاد وأرى الأسلحة فقد كانت الرشاشات رفيقا للكثيرين في حين لانعرفها نحن في بلادنا بحال .
علمت أن هناك طرقا من المنطقة يمكن أن أدخل خلالها إلى بلاد الحرمين بطريقة غير نظامية لكني لم أجرؤ على المجازفة بذلك فقد كنت غضا مسالما أتخوف من المخالفات نوعا مع على الرغم من مخالفتي نظام الإقامة في اليمن حيث جاوزت مدة إقامتي وسوف أدفع للحكومة اليمنية مبلغا مقابل كل يوم زائد .
ذات صباح استيقظت فزعا من رؤيا رأيتها في أخي الأكبر الدكتور مدحت رحمه الله وكان يعيش في الجزائر وقد سلم منذ فترة يسيرة من زلزال ضرب المدينة التي كان يعيش فيها آنذاك وتسمى مدينة الأصنام حيث كان يبيت تلك الليلة بالعاصمة ولكن سافرت ولم أتمكن من الحديث معه .
وكان الشيخ رحمه الله قد انشغل عني ببناء مكتبته الجديدة بنفسه فقد كانوا يعجنون الطمي وينشفونه حتى يصير يابسا صلبا ثم يبنون به ويطينونه فاستأذنت الشيخ في السفر حيث هو مشغول وأنا قلقت على أخي كما أنني أنتظر موافقة على الالتحاق بجامعة في بلاد الحرمين ولا يوجد وسائل للاتصال بالإضافة لغرامة مخالفة الإقامة ، فقال لي الشيخ اصبر قليلا وسأتفرغ لك فأصررت على الذهاب فأذن لي .
عدت إلى مصر قبيل الفجر ويممت المسجد فاستقبلني الإخوة بفرحة اللقاء مع نظرات غامضة في أعينهم .. صليت بهم الفجر وجاء أحدهم فقال لي هل أخبرك أحد عما حصل ؟ فقلت متعجبا لا وماذا حصل ؟ فعلمت منه أن أخي عمل حادثا بسيارته وتوفي وهم الآن ينتظرون قدوم الجثمان من الجزائر .
ذهبت لأمي فكان قدومي عليها بردا وسلاما ودارت رحى الأحداث مما لاداعي للإطالة به .
لم يصلني رد من بعض الجامعات ووصل لي الاعتذار من البعض الآخر وكنت قد طلبت من خالد الجبير متابعة الأمر مع جامعة الإمام فلم يتيسر لي شيء فأصررت على الزواج بعدما تشاركت أنا وعبد الله العبدان في مشروع سيارة نقل صغيرة أعمل عليها مناصفة فكنت آخذ صحيح البخاري معي لإخراج الفوائد منه لاسيما السيرة النبوية حيث كنت أحلم بجمع السيرة الصحيحة منذ ذلك الحين وذلك أثناء فترة انتظار الزبائن ممن يحتاج للنقل .
تزوجت وكان زواجي أعجوبة بجميع المقاييس من صغر في السن وعدم إكمال للدراسة وغير ذلك وبدأت أقتطع من دخلي جزءا للذهاب للحج في ذلك العام أنا وزوجي مع ما تحمل في أحشائها من باكورة ذريتي ليكتب الله لهذا المولود أن يكون مسقط رأسه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث الحلقة الخامسة إن شاء الله تعالى .
ملحق (يتعلق بفضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي)
تساءل الإخوة عن أمور تتعلق بالشيخ وتكفيره للحكومات بما فيها المملكة فأقول :
ظن البعض أنني سمعت من الشيخ تكفيره لحكومة آل سعود ولكني لم أقل ذلك ولم أسمعه منه لكن هذا فهمته من كلامه على الحكومات عموما وقد مثل لبعضها والجامع بين الجميع واحد وسننشر هنا مقتطفات من كلام الشيخ تدلل على ما فهمناه .
إلا أن الشيخ تراجع عن كلامه في الحكومة السعودية بعدما لبس عليه الملبسون في مرض وفاته وغروه بالأمور التي اغتررنا بها في أول أمرنا وأوسطه مع آل سعود فكتب (مشاهداتي في المملكة) ونفى تكفيره لحكومتها سابقا ولاحقا وتراجع عن كل ماقال فيها
وكما هو معلوم أن وصية الرجل في المرض المخوف غير معتبرة وأنا من وجهة نظري أرفض تراجع الشيخ عما قاله وأعتبر ذلك لاغيا لظرف الشيخ الصحي .
وعليه فهذا لفظه في تراجعه عن الحكومة السعودية خاصة دون سائر الحكومات :
قال رحمه الله : وقد كثر السؤال، هل أنت قد تراجعت عن كلامك في الحكومات؟ تراجعت عن كلامي على الحكومة السعودية جزاهم الله خيراً، أما ما عداها فلا .
وقد يقول قائل لعل الشيخ لم يكن يكفرها وإنما يرى أنها كانت واقعة في مكفرات فأقول قد يكون محتملا فيها بل وفي الجميع ولكن كيف يتراجع عن أمور خبرية أخبر عنها سابقا إما أنه كذب فيها ونحن ننزه شيخنا عن ذلك أو نقلها عن غيره دون تثبت وهذا يطعن أيضا في منهج الشيخ العلمي ولا يليق به أو أنه تراجع عن الحكم وهو التكفير المبني على وقوع هذه الحكومة في مكفرات بعد أن ظهر له موانع من تكفيرهم وهذا الذي يليق به .
وهذه بعض ألفاظ الشيخ عن الحكومة السعودية كما في كتابه المخرج من الفتنة :
فقال بعد أن ذكر كفريات حزب البعث : فهذا هو حزب البعث الذي تدعمه السعودية بمالها وقواتها …
ويقول في موضع آخر :
… فلم تبال الحكومة بذلك لأنه لايهمها الدين لايهمها إلا الحفاظ على الكرسي .
وهنا يرى أنه لاتوجد دولة إسلامية ويدعو على جميع الحكومات أن يزلزل الله أقدامهم فيقول :
ولكن الحكومات التي تتبع مخططات أمريكا وروسيا لهذا الشباب بالمرصاد فذلك مسجون وآخر مقتول نسأل الله أن يزلزل أقدامهم وأن يمكن الشباب من إقامة الدولة الإسلامية .
وليس لدي الفرصة للتوسع في تتبع كتابات الشيخ واستخراج كلماته في ذلك وفيما ذكرنا كفاية ولكن من أراد الاستزادة فعليه بالمخرج من الفتنة وغيره من المظان .
نماذج من كتاب المخرج من الفتنة للشيخ مقبل :