مقالة نشرت باسم مستعار عام 1423هـ عندما تفاقمت مهاجمة الشيخ لإخوانه ويوجد قبلها عدة مقالات تتعلق بذلك سوف ننشرها بإذن الله وهاهو الشيخ قد أصابني _ إن صح مانقل عنه من تراجع _ بعض ماذكرته عنه في هذا المقال
القول البديع في الشيخ ربيع
***
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن اهتدي بهداه إلى يوم الدين
أما بعد
فهذه نبذة تعريفية بالشيخ الفاضل ربيع بن هادي المدخلي أردت أن أبين فيها بالعدل منزلة الشيخ بلا وكس ولا شطط ولا إفراط ولا تفريط بل بالعدل والقسطاس الذي أمر به الله والله الموفق
بادئ ذي بدء هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي من المملكة العربية السعودية من منطقة جازان ولد بها سنة 1351 هـ ونشأ يتيما فيها ودرس بها ثم انتقل للمدينة فتخرج في كلية الشريعة بها وتحصل على الماجستير والدكتوراه في علوم الحديث من جامعة أم القرى ثم عاد للجامعة الإسلامية فعمل بها مدرسا بكلية الحديث وشغل منصب رئيس قسم السنة بالدراسات العليا حتى تقاعد .
درس على ثلة من كبار العلماء وتخرج به كثير من طلبة العلم .
وقد زكاه جمع من شيوخه وغيرهم كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين
إلى هنا نستطيع أن نقول أمثال الشيخ ربيع كثير فما هو تميزه وما الذي جعل له الصدارة عند جمع من طلبة العلم وغيرهم ؟
أقول : مكث الشيخ إلى قرابة سنة 1410 هـ يعني حتى صار عمره حوالي ستين سنة لا يعرف على نطاق واسع ونشاطه محدود ومنحصر في تدريسه وليس له مؤلفات تذكر خلا رسالتيه في الماجستير والدكتوراه لكنه بدأ يظهر في الساحة مع أزمة الخليج حيث تبنى الرد على التيار الدعوي السياسي وعلى وجه الخصوص فكر سيد قطب فأظهر كثيرا من أخطائه الشديدة في أبواب من العقائد ووصل به الأمر إلى أن اتهم بتكفيره وذاع صيت الشيخ تبعا لذياع صيت من رد عليه ثم انبرى الشيخ لتتبع كتب سيد قطب بدقة وأفرط في هذا الباب حتى صار هجيراه وهجيرى من حوله من طلبة العلم وبدأ نتاج الشيخ الأساسي يصبح ردودا على من رآهم مخالفين للمنهج السلفي وقد أصاب في جل ما أنكر عليهم وإن كانت السمة الغالبة على ردود الشيخ الحدة والشدة غير المحمودة التي تضيع كثيرا من الحق الذي معه .
ثم ساعد على ذلك أن ردود الشيخ كانت في صف الدولة السعودية وبغض النظر عن صحة موقفه فقد نوافقه في كثير مما يقول إلا أن ذلك أعطى له منزلة بين طلبة العلم الذين لا مأوى لهم إلا المملكة ونظرا لوجاهة الشيخ وقربه من الولاة في تلك الفترة التف حوله هؤلاء طمعا في إقامة أو مساعدة مالية أو دفعا لاتهامه بأنه ضد الدولة فيؤثر ذلك على بقائه في المملكة خاصة بعد ما حدث من الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله حين رفع قائمة بأسماء بعض المقيمين بالمملكة من أهل الدين كما أخبرني ثقات يقيمون هناك وذلك من جراء وشاية كاذبة من رجل يثق فيه الشيخ وفعلا تم تسفيرهم لبلادهم ومنعوا من دخول المملكة وهذه حادثة مشهورة عندهم .
المهم أصبحت زيارة الشيخ لتلك المصالح هي أساس الالتفاف حوله
ويمكننا أن نقول : لقد جاوز الشيخ الآن السبعين سنة فأين نتاجه العلمي الذي يؤهله لتلك المنزلة القيادية وأين جهوده الدعوية خلا مسألة الردود التي أفرط فيها كما سبق ذكره ؟
ولننظر لمستوى الشيخ العلمي بصفة شمولية :
ما هي منزلته في التفسير وعلوم القرآن وماذا قدم في هذا المضمار ؟
ما هي منزلته في الفقه وأصوله وما أخرج للمسلمين من خدمات في هذا المجال ؟
ما هي منزلته في السيرة والتاريخ وماذا أنتج في ذلك ؟
وما هي منزلته في اللغة وعلوم الآلة وأين ملامح ذلك على أسلوبه ؟
وما هي منزلته من علوم الرقائق ومداواة النفوس ؟
كما أن الشيخ لا يحفظ القرآن ولا يجيد قراءته وعلمه بعلوم القراءات وما يتعلق بها لا يذكر .
حتى علوم التوحيد والعقائد لا نجد له نتاجا خلا ما ذكرت من الردود على بعض المناهج المخالفة .
وأما تخصصه في الحديث فلا شك أن له ما يشهد لعلمه فيه وعلى الأقل رسالة الماجستير ورسالة الدكتوراه إلا أنه لا يلاحظ له جهود في تحقيق السنة وخدمتها على غرار شيخه الألباني رحمه الله …
الخلاصة أن درجة الشيخ العلمية تخصصية أكثر منها شمولية فرفعه فوق قدره ظلم له وللدعوة وقد أدى ذلك إلى مفسدتين عظيمتين :
الأولى : التقليد الأعمى للشيخ من صغار طلبة العلم الذين اغتروا بما أحيط به الشيخ من هالات وتعظيم لانتقاداته الحادة التي تشبه حماس الحماسيين كمن قلد بعض المشايخ والدعاة ولم يقبل النقد فيهم لكثرة أتباعهم ولكلامهم الحماسي الذي يعجب الشباب ويناسب فورتهم .
الثاني : شعور الشيخ في نفسه بوصايته على الدعوة السلفية .
وقد ظهرت آثار هاتين المفسدتين في مواقف كثيرة إلى أن وصلت الدرجة بأحدهم أن يدعي العصمة للشيخ في قضايا المنهج ووصلت الدرجة بالشيخ أن يهدد الشيخ علي حسن بأنه إذا لم يسقط المغراوي فسيسقطهما جميعا كما أفاد ذلك الشيخ سليم الهلالي . كما وصلت الدرجة بالشيخ أن تجرأ على شيخه بعد وفاته فقال قولته المشهورة : سلفيتنا أقوى من سلفية الألباني .
ولست هنا بصدد الكلام عن عدالة الشيخ وعلمه وإثبات فضله فلذلك أناس تفرغوا له وغالوا فيه ويمكن الرجوع لموقع الشيخ وبه ترجمة كاملة له ومؤلفاته وأشرطته
والذي يهمني هنا الكفة الأخرى التي بها ينضبط الميزان .
ولا يفوتني أن أشير إلى أن طوائف شتى جنحت جهة اليسار في حق الشيخ فمن متهم له بالعمالة وأنه دبوس من دبابيس المباحث وانتقصوه وحطوا من قدره وهذا ظلم أيضا وفساد في التفكير وانحراف عن الجادة
ولكن الشيخ تغيرت حاله في الآونة الأخيرة مع ما ينتقد عليه أساسا من طبيعته الحادة التي انتقدها من قبل بعض من زكاه كالشيخ ابن عثيمين وغيره والسبب في ذلك أمور :
أولا : تأثره بمجموعة جالسهم وتوطدت علاقاته بهم وهم منحرفون عن المنهج السلفي أمثال محمود حداد وفريد المالكي وغيرهما وعلى الرغم من تبرؤ الشيخ منهم إلا أنه تأثر بهم في شدتهم على أهل السنة وغيرهم ولمزهم إياهم بأقل مخالفة .
ثانيا : التفاف مجموعة من الصغار حوله يستغلون في الشيخ طيبته وسرعة تصديقه لمن غره وهو ما يمكن أن يدخل تحت غفلة الصالحين فيدفعونه دفعا ويذكون نار الفتنة عنده ويقبل منهم ثم يتبين له عدم صحة ذلك فيتراجع ويمدحون عنده فلانا فيزكيه ثم يظهر له غير ما ذكروا فيتراجع مما أثار عجب كل محب ومبغض ما هذا التناقض الغريب في أقوال الشيخ والاضطراب البين في أحكامه على الناس اليوم فلان سلفي علم على السلفية وغدا مبتدع ضال مضل والعجيب أن الشيخ في ترجمته المطولة في موقعه يذكر ثناء المغراوي عليه وهو يرى ضلاله وضلال كل من يدافع عنه ويذكر ثناء علي حسن عبد الحميد وهو قد لحق بسابقه .
ثالثا : مرض الشيخ بأمراض أرهقته وأثرت في مستواه وأدائه العلمي ومن ذلك ما أصابه في عينه ثم مرض السكر الذي أثر فيه تأثيرا كبيرا نسأل الله له الشفاء .
رابعا : كبر السن الذي يؤثر كثيرا في أهل العلم لا سيما إذا أضيف إليه الأمراض والأوجاع فأصبح الشيخ يقول قولا وينساه بعد قليل وينكر مقولته والحوادث في ذلك مشهورة معروفة عند كثير ممن يعرف الشيخ ويجالسه .
خامسا : تركه للمدينة وقد سمعت أن ذلك بأمر من المسئولين ولاشك أن مفارقته للمدينة له وقع شديد عليه .
وخلاصة القول مع التسليم بفضل الشيخ وجهوده في الدفاع عن المنهج السلفي فإن حاله منذ فترة ليست بالقصيرة باصطلاح أهل الحديث :
ثقة يقبل التلقين أدركته غفلة الصالحين وتغير بأخره
وليس ما ذكرته بمستغرب عند المنصفين فهشام بن عمار وهو من هو كبر فصار يتلقن وأبو إسحق السبيعي الإمام البارع كبر واختلط ورشدين بن سعد على صلاحه وعلمه أدركته غفلة الصالحين وهؤلاء جميعا أعلم وأجل من الشيخ بمراحل .
وبالنسبة لمنزلته في الجرح والتعديل فقد كتبت مقالا في خطأ الشيخ الألباني في مقولته في ذلك وعلى فرض صحتها والتسليم بها فقد كانت في زمن الشيخ قبل ما يطرأ على شيخنا ما طرأ عليه .
وكما تعلمون قد زكى الشيخ الألباني جماعة ووصفهم بأوصاف فائقة منهم أبو الحسن ومنهم أبو إسحق الحويني ومنهم علي حسن عبد الحميد وعند كثير من مقلدي الشيخ يضرب بهذه التزكيات عرض الحائط وإن فاقت تزكية الشيخ ربيع ويعتبرونها قبل ما يطرأ على هؤلاء ما طرأ عليهم .
ثم إن مرتبة الشيخ في ذلك مرتبة المتشددين من أهل العلم الذين يجرحون الراوي بأقل ما فيه كالغلطة ونحوها مثل ابن حبان أو كمن يقدح بغير قادح كمن طعن فيمن كثر كلامه كما فعل الحكم بن عتيبة في تركه الرواية عن زاذان أو طعن في شخص تحاملا لأمر في النفوس كما فعل النسائي مع أحمد بن صالح المصري ( وليس نزيل مأرب!!!! ) فقال : غير ثقة ولا مأمون . وهو ثقة إمام حافظ ، ونحو ذلك .
ويرجع فيمن قدح فيه الشيخ إلى قول المعتدلين .
وبالنسبة لسلفية الشيخ فقد تغير التزامه بالمنهج السلفي بما اعتراه من حدة في الخلق وسلاطة في اللسان لا تعرف في سلفنا الصالح _ ويكفي نظرة سريعة في مقالاتي السابقة التي أهديت له فيها عيوبه وكيف كان وقع ذلك عليه وما تلفظ به من ألفاظ من جراء ذلك _ مع طعن في إخوانه من علماء السلفية بما لا يقدح فيهم وهذا مشابه لمنهج من رد عليهم وحذر منهم قبل أن يعتريه التغيير .
لكننا نعذره بما تقدم من عوامل أدت إلى ذلك مع نصحنا له أن يقلع عن القدح في إخوانه وأن يجعل بقية عمره في التدريس وإفادة طلبة العلم بما يحسن من علوم ونسأل الله لنا وله التوفيق والسداد والخاتمة الحسنة .
وكتب
د. محمد بن رزق بن طرهوني 1423 هـ