لماذا نستحق غضبة الجبار ؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فما نمر به هذه الأيام إرهاصات غضب ومقت من رب العزة والجلال ومن منا يطيق ذلك ؟ ولكن ألا نتفكر فيما أغضب ملك الملوك أم نظل في غينا سائرين وفي غفلتنا سادرين ؟
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه .
وفي لفظ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ.
فكم من منكر رأيناه فلم نغيره ولم ننكره وكم من ظالم غضضنا الطرف عن ظلمه وسكتنا عنه بل بررناه وشرعناه وأيدناه واختلقنا له المخارج وتكلفنا له التأويلات ليس من صغار القوم بل من كبارهم وشيوخهم ومصدر الفتوى والنصح فيهم ..
فياقومنا أفيقوا .. ليس بين الخلق وبين الله نسب .. لو عذب الله أهل سمواته وأرضه لما عذبهم ظالما لهم .. فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ..
بعتم دينكم حرصا على دنياكم فأفسد الله عليكم دينكم ودنياكم .. والقادم أدهى وأمر
زج بخيرة العلماء والدعاة والمصلحين والصالحين في السجون في بقاع المعمورة فلم تتمعر وجوهنا
قتل خيرة شباب الأمة الصوام القوام بدم بارد وأحرقوا أحياء وأمواتا فلم يتحرك لنا ساكن
سجنت ماجدات وحرائر وأشرف وأطهر نساء الأمة وانتهكت أعراضهن وحملن من أقذر وأنجس الخلائق فلم تطرف لنا عين
رمي أولياء الله وخيرة رجال زماننا وأشجعهم وأغيرهم على حرمات الله بالإرهاب ووصموا بالخارجية فطوردوا وقوتلوا وشردوا وتآمر عليهم القريب والبعيد ودبجت الفتاوى لقتلهم والتخلص منهم
أقلعت الطائرات من بلاد المسلمين تدك أراضي الآمنين من الصالحين والمجاهدين بمحالفة أهل الصليب وملل الكفر مجتمعة فأبادت حواضر الإسلام وسوت بيوتها ومساجدها وكل ما على أرضها بالأرض في العراق والشام واليمن وغيرها
هجرت جموع أهل الإسلام من أرضها وحرمت من أمنها فسكنت العراء والتحفت السماء فلم تجد من يمد لها يدا بل وجدت من يضرب مع جلادها عليها بيد من حديد في الشرق والغرب في كشمير والهند وتركستان وأفريقيا الوسطى والصومال ومالي وبورما وهلم جرا
تسلط شر أجناد الأرض في مصر والشام وغيرها على رقاب العباد فساموهم سوء العذاب وألوان القهر والإذلال .
اشرأب العلمانيون والحداثيون والملحدون والشاذون فكرا وجنسا وفرضوا أجندتهم على المسلمين في السودان والجزائر وتونس وغيرها .
فتحت خزائن البلاد وخيرات المسلمين لألد أعداء الملة وأقذر من سار على الخضراء فنهب منها كما يشاء ووضعها في حربنا والقضاء على ديننا
أصبحت موالاة أعداء الله سبحانه من اليهود والنصارى والهندوس والشيوعيين والبوذيين دين كثير من المنتسبين للإسلام وروج لذلك في وسائل الإعلام وجهروا بمعاداة إخوانهم من المسلمين وجعلوهم أعداءهم الأوائل واستخدم لتمرير ذلك رؤوس النفاق وأحذية الولاة من البلاعمة المنسلخين .
فتحت وسائل الإعلام وسخرت مقدرات المسلمين لنشر الكفر والإلحاد والدعارة والخنا والفسوق وسب الدين ولعن رب العباد واستهزئ بخير الخلق جهارا نهارا ومشايخ السلاطين يدهنون بالعود ويتبخرون بالبخور ويشرعنون لحكام الردة والكفر الزنا على الهواء مع وجوب الطاعة
منع العلماء والحكماء وأهل الخير من بيت الله الذي جعله الله للناس سواء بيد أسفل السفلة وأرذل الرذائل
تولى علينا شرار شرارنا وسفهاء سفهائنا وحثالة حثالتنا وصدرت الفتاوى بصحة ولايتهم ووجوب بيعتهم فقتلوا وشردوا وسجنوا وسرقوا ونشروا الفواحش ووقعوا فيها على مرأى ومسمع من العالم
اعتلى سفيه الزمان وربيب الشيطان وزبالة الأنام بيت الله الحرام فتسنم أنجس الخلق أطهر البقاع بلامسوغ شرعي ولا مذهب مرعي فرقع له المرقعون
عزفت المعازف وغنت القيان ولعب الفجار ودنس اللوطية والشواذ أرض الحرمين بجوار صروح الربا ومحاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم دون مراعاة لحرمة هذه الأراضي المقدسة
ماذا أعدد وماذا أقول ؟ في كل باب بلاء وفي كل منحى ضياع .. مابقي من الدين إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه فحسبنا الله ونعم الوكيل ..
أبعد كل هذا نريد أن يسمح لنا الله بالاتصال به والأنس بجنابه وقد رضينا بالدنية وقبلنا بالرزية ؟ بأي وجه نطلب منه أن يرفع عنا البلاء ويدفع عنا الوباء ؟ فبذنوبنا هلكنا وبسكوتنا عن المنكر أخذنا ..
فالنجاء النجاء ..اعرفوا سبب البلاء وتصالحوا مع رب العباد لعل الله ينظر لنا برحمته ويرفع عنا نظرة المقت والغضب فليس لنا إلا الإنابة إليه والوقوف ببابه والاعتراف بما اقترفته أيادينا فلاملجأ ولامنجا لنا منه إلا إليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين