#خواطر_مع_الواقع
1- لماذا جماعة التبليغ ؟
الأحباب !! هكذا يسمون أنفسهم وما أجمل ذلك فإن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله
روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي .
ويقول أبو إدريس الخولاني دخلتُ مسجدَ دمشقَ ، فإذا أنا بمعاذِ بنِ جبلٍ ، فسلَّمتُ عليه ، فقلتُ : واللهِ إنِّي لأحبُّك في اللهِ ، فقال : آللهِ ؟ فقلتُ : آللهِ ، فقال : آللهِ ؟ فقلتُ : آللهِ ، فأخذ بحَبوةِ ردائي فجذبني إليه ، وقال : أبشِرْ فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : يقول الله تعالى : وجبت محبَّتي للمُتحابِّين فيَّ ، وجبت محبَّتي للمُتجالسين فيَّ ، وجبت محبَّتي للمُتباذلين فيَّ ، وجبت محبَّتي للمُتزاورين فيَّ .
هم إخوة مسلمون .. ما جمعهم إلا حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واحترقت قلوبهم على الدعوة لدين الله تعالى فضحوا بوقتهم وجهدهم وأموالهم لايبتغون بها إلا إرضاء الله سبحانه ونشر دينه وهداية أنفسهم أولا ثم هداية غيرهم
يحصرون دعوتهم فيما يسمونه بالصفات الست وهي صفات جميلة حميدة ألف بعضهم فيها كتابا قرظه جمع من العلماء الأفاضل وهي باختصار :
1- اليقين على الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- الصلاة ذات الخشوع والخضوع.
3- العلم مع الذكر .
4- إكرام المسلمين ومحبتهم في الله .
5- تصحيح النية وإخلاصها لله .
6- الدعوة إلى الله والخروج في سبيله .
وهم يمتنعون في دعوتهم عن أمور أربعة :
الكلام في الخلافات الشرعية ويقولون هذا للعلماء وليس لنا
والكلام في أمور السياسة ويقولون هي لأصحابها والخوض فيها في حال الدعوة يضيع الأوقات ويفرق الكلمة ويهيج الولاة
والكلام في الدنيا وملهياتها لأنها تزيد تعلق القلب بها وتصرف عن الآخرة
والكلام في عيوب الناس والجماعات وأمراض الأمة بعدا عن الغيبة وثقة في أن التغيير بالعمل والدعوة وليس بذكر العيوب
ويعتمدون في مجالسهم العلمية الأولية المبسطة على أمور ثلاثة :
قراءة ماتيسر من القرآن من أواخر جزء عم
قراءة ماتيسر من حديث النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي
قراءة ماتيسر من سير خير القرون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب الجامع الماتع الفريد في بابه حياة الصحابة للكاندهلوي
يقومون بتربية أنفسهم على ماتقدم ودعوة الناس لنفس عملهم وهو مايسمونه التشكيل على مايطلقون عليه الخروج في سبيل الله لمدة ثلاثة أيام كلما تيسر فمن استطاع أكثر فليخرج أربعين يوما فمن قدر على الأكثر فليخرج أربعة أشهر
يتنقلون بين الحارات والقرى والمدن والبلدان ينظرون في أحوال الناس في البعد عن تعاليم الدين والانغماس في الشهوات ويعتبرون ذلك مرضا يحتاج للعلاج عن طريق الدعوة اللينة الطيبة من خلال بيئة المسجد ويرتكزون في ذلك على :
الاعتكاف في المساجد مدة خروجهم
إلقاء كلمات دعوية في أهل المسجد بعد كل صلاة في كلام الخير والإيمان هكذا يقولون
عمل جولات مقامية في منطقة خروجهم لدعوة الناس لسماع هذه الكلمات يدورون فيها على المحال والبيوت والمقاهي ويدعون من يقابلهم
عمل زيارات خاصة في البيوت وخصيصا من يصلهم سوء حاله وحاجته للاهتمام
ويتشاورون فيما بينهم في تنظيم هذه الأمور في جلسات يومية يفصل فيها بعد الشورى أمير المجموعة الخارجة .
هذا هو مجمل دعوة الأحباب أهل التبليغ .. ليس من سماع أو قراءة وإنما من قلب الحدث ..فقد كنت فردا منهم وعايشت ذلك بنفسي منذ أن كنت في المرحلة الثانوية قبل قرابة خمسة وأربعين عاما
عندما أذكرهم يجول بخاطري الشيخ الخاشع الأسيف الخطيب المفوه إمام جامع أنس بن مالك مركز الدعوة بمصر الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله تعالى
وأذكر حبيبنا وصديقنا تجاوزا إذ هو أكبر مني بكثير الداعية الطبيب المبرز الدكتور شكري عرفة الذي صاحبته في الخروج وكان جارنا رحمه الله رحمة واسعة
وأذكر الصديق العزيز رفيق الشباب الدكتور سعود البارود من بلاد الحرمين الذي رافقني ضمن صحبة الدكتور شكري والشيخ إبراهيم المحاسب وهو من أساطين الدعوة رفقاء الشيخ إبراهيم عزت رحم الله الجميع
وأذكر بيان الدكتور سعود الذي كان في أنواع التوحيد الثلاثة !! في قرية من قرى مصر
عندما أذكرهم أذكر الجولات المقامية التي كنا نقوم بها في القرى وفي حينا بعد ذلك مع من يأتون إلينا من الأحباب فينزلون بمساجدنا ونحن نناصرهم ..
وأذكر جماعات الهند وباكستان ممن كانوا يأتون إلينا وينزلون بمسجدنا الصغير وما يتميزون به من قيام طويل بالليل وبكاء وتخشع ..
عندما أذكرهم أذكر الشيخ أبا بكر الجزائري كبير وعاظ المسجد النبوي والأستاذ الجامعي من طبقة شيوخنا وشيوخ شيوخنا
أذكر شيخنا الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الله الأمين الشنقيطي شيخ التفسير والأخلاق العالية
أذكر شيخنا تجاوزا ومزكينا الأستاذ الدكتور جبران أحمد صالح
أذكر تلميذنا وحبيبنا الشيخ صالح بن علي الدغيثر
بل حتى أذكر الأمير ممدوح بن عبد العزيز الذي رافقهم كثيرا وتأثر بهم .. وأذكر الثري عدنان أكبر والمغني محمد عبده وكثير ممن انتفع بهم سواء ثبت أم لم يثبت من كبار المسؤولين والمشاهير في قطر وفي غيرها ..
عندما أذكرهم أذكر زياراتهم لي في بيتي في المدينة للجواب عن أسئلتهم الشرعية وأدبهم في طلب العلم
الحديث يطول ويطول فماذا ينقمون منهم ؟؟
لم يكن الانتماء لجماعة التبليغ والخروج معهم تهمة في بلاد الحرمين حتى رجع المجاهدون من الحرب الأفغانية الروسية وظهر أن مجموعة كبيرة ممن التحق بالجهاد كانوا من جماعة التبليغ والسبب في ذلك أن تربية الجماعة تغرز في نفس المسلم حب التضحية والبذل مع اليقين فيما عند الله فبمجرد تحويل بوصلته من الدعوة للجهاد ينقاد فورا خاصة بعدما يتبين له أن آيات الخروج في سبيل الله الصواب أنها في الجهاد وليست في الدعوة ..
بدأ التحذير منهم والكلام في بعض مخالفاتهم وما يقع فيه بعضهم من بدع خاصة في شبه القارة الهندية وبيان وجود خلل عند مؤسسي الدعوة ونحو ذلك وأغري بهم المشايخ فتكلم فيهم شيخنا الشيخ حمود التويجري وتكلم الشيخ الألباني رحمهما الله في حين دافع عنهم الشيخ الجزائري وغيره والتزم الشيخ ابن باز وابن عثيمين وغيرهما بالاعتدال في الكلام عنهم وذكر فضلهم في دعوة الناس .. وهذا هو أحكم منهج وقتئذ وهو ما يحاول البعض اليوم كذبا أن يتحايل عليه فيدعي التراجع عنه أو يتهم المشايخ بعدم اطلاعهم على حقيقة الجماعة وهذا مع فيه من طعن في هؤلاء العلماء فهو جهل أو كذب مفضوح لأنهم من أعرف الناس بهم ومن دائمي التواصل مع كبارهم في العالم أجمع .
زادت حدة الهجوم على الجماعة بعد أحداث المواجهات مع القاعدة في بلاد الحرمين حيث تبين أن عددا من قادة التنظيم والمتهمين بالانتساب إليه كانوا من الأحباب وعلى رأسهم أسامة عسيلان ومحمد عويضة وطلال خشيم وأنا أعرفهم شخصيا وهم من خيار الإخوة وفضلائهم .. فأصبح الاتهام بالانتساب للتبليغ مسوغا للاعتقال الذي بدأ بالسجن لستة أشهر ثم لسنتين ثم لست سنوات وهكذا دون محاكمات ولا اتهامات واقعية وإنما فقط خوفا من تحول التبليغي لمجاهد ..
هذا هو حقيقة الحرب المعلنة على جماعة التبليغ .. فهؤلاء والله لايضيرهم ما لدى الجماعة من أخطاء وانحرافات بل هم يرعون من هم رأس كل بلاء وانحراف ويدعمونهم بكل ما أوتوا من قوة بدءا من الرافـ.ضـ.ـة الملاعين ومرورا بالصوفيـ.ـة القبورية المخرفة وانتهاء بالعلمانيين ودعاة الإلحاد .. وقد صرح كبيرهم بما ذكرناه من كونهم أداة لتفريخ من يسمونهم إرهابيين ..
وأخيرا .. ليس بخاف علي أي انتقاد وجه للجماعة وأعرف كلام شيخنا التويجري وكلام الألباني وأول رسالة حذرت منهم في بلاد الحرمين وعندي بمكتبتي نسخة مصورة منها أيام بداية الهجوم عليهم فلا يظنن ظان أنه سيطلعني على ما خفي علي من أمرهم ..وليس بخاف على العقلاء أنه لاتوجد جماعة دعوية في تاريخ الإسلام خلت من الأخطاء والانحرافات فأربعوا على أنفسكم .
وفقهم الله لكل خير وبارك في جهودهم ونفع بهم .. وهم أفضل بيئة للعاصي المذنب الذي يريد التغيير من حاله .. فقط عليه بعد أن يأخذ الخيرات التي عندهم أن يستعين بالعلماء لترشيد توجهه وتبصيره بما قد يوجد من أخطاء .. والحمد لله رب العالمين .
د. محمد طرهوني في 12/5/1443 هـ