العالم الذي قتل بسجن المباحث بعسير السعودية
إنه الشيخ الأستاذ الدكتور محمد أمين النمرات العالم الأردني المتخصص في اللغة العربيّة، والأستاذ بجامعة حائل الذي طالما نادى وهو يعاني تحت القهر والحبس و الإهمال الطبي المتعمد:
“دمي في رقبة هؤلاء وأوصي بإظهار الحقيقة للناس ”
فقد كان يرى الموت بعينيه المرات تلو المرات ولا حياة لمن تنادي فهذه قصته لإبراء الذمة أمام الله ولعلها تردع من سهلت عليه حياة الإنسان المسلم العالم فلم يرفع بها رأسا ولعلها توقظ النوام الذين تخدعهم أجهزة الإعلام والدعاوى التي لا أساس لها من الصحة ولعلها تحرك الساكنين ليدافعوا عن أمثال هذا العالم الذين يقبعون داخل السجون بغير جرم ارتكبوه أو إثم اقترفوه.
لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم، الحمد لله على كل حال،ونسأل الله تعالى أن يغفر لهذا العالم الصوام القوام ويتقبله شهيدا فهو مبطون مات مسجونا بتهمة ونعم التهمة وهذه قصته باختصار:
إنه رجل علم حافظ لكتاب الله درس الشريعة ثم توجه لعلم لغة القرآن فتدرج في دراسته وتبحر فيه مع مسئوليته كإمام و خطيب وداعية حتى تحصل على الدكتوراه في هذا الفن، ثم ترك بلاده بعد أن قام بجهد دعوي مميز فيها ليدرس مادة تخصصه بجامعة حائل بالسعودية وإذا بالفتن تقبل ويهتك عرض ماجدات العراق من أخوات وبنات و أمهات وتدنس المساجد و تمزق المصاحف فأخذت هذا العالم الحمية الإسلامية في بداية هذا الغزو الهمجي الذي أدانه أهله قبل غيرهم ..فكان ربما حدث طلابه في آخر درسه عن حال أمته المشين وسكوتهم المهين ، فسأله طالب عن نصرة أهل العراق وحكم الذهاب إليهم فأجابه بخمسة أحرف فقط ؛ قال له: “لا بأس” وكانت هذه قاصمة الظهر. بعدها أوعز إليه أنه غير مرغوب فيه في الجامعة . وقبل أن يتجهز للمغادرة أتاه نبأ احتراق بيته وموت ابنته في هذا الحريق ابنة الأربعة عشر عاما فأسرع لبلاده ليتفقد حال أسرته ويدفن ابنته العروس وصبر واحتسب ثم عاد لإنهاء عمله ولم شعثه ولكن لم تمهله المباحث فتم القبض عليه وألقي في ليل أظلم في زنزانة انفرادية لمدة ثمانية أشهر والقيود الحديدية في رجليه طيلة هذه المدة ولايوجد دورة مياه بالزنزانة وهو الإنسان المريض المبتلى بحادث سيارة أحدث له إعاقة دائمة فإحدى رجليه ملتصقة بحوضه وأقصر من الأخرى بشبر ويعاني من نزيف في المعدة مزمن ومكث تلك الفترة في هذه الحال المزرية دون عناية طبية وحرم من الاتصال بأهله فلا يعرف عنهم شيئا ولا يعرفون عنه شيئا مع اعترافه للمحقق بتهمته هذه وأنه وافق فيها من كان يفتي بذلك من مشايخ البلد في هذا الوقت . ثم نقل إلى سجن القصيم وحاول كثيرا الذهاب إلى المستشفى فلم يلتفت له ، حتى تمكن من إيصال شكوى لحقوق الإنسان ولكنه لم يستفد شيئا يذكر وظل في صراع مرير مع المرض العضال والنزيف الحاد وحرمانه من التواصل مع أهله لمدة زادت عن العامين
وفي نهاية الأمر أضرب عن الطعام لأنه يضره وكذلك الإضراب كان يضره ولكنه شعر بارتياح مع عدم الأكل واستمر به الحال من الإهمال وعدم الاستجابة لحالته المرضية الشديدة حتى وافته المنية بتفاصيل لا نعلمها الآن ولكن الله سبحانه يعلمها ولن يضيع دم هذا العالم سدى
وقد قضى في السجن أكثر من ثلاث سنوات مع ألم المرض والانقطاع عن الأهل والإهمال الطبي عن عمر ناهز 45 سنة.
أنقل لكم هذه التفاصيل المختصرة عن صديقه وابن بلده الأردن وإن كان هو من إربد وصاحبنا من غيرها كما أني أيضا على اتصال بمن يعرف بعض أحواله وهو على اتصال بمن يعمل في حقوق الإنسان وملفه موجود لديهم لمن أراد أن يطلع على حاله ويعرف حقيقة موته
رحمك الله يا أبا أمين ورفع درجاتك في عليين فقد كان ليلك كله من المغرب وحتى الفجر بين يدي ربك تتلو كتابه على رجلك العرجاء وكنت تصوم كل يوم تبتغي بذلك مرضاة ربك ، نحسبك كذلك ولا نزكيك على الله ويشهد لك كتاب ربك الذي تحفظه في صدرك وتختمه يوميا في رمضان حتى إذا دخل العشر الأواخر جعلت الختمة ختمتين فلن يخيبك ربك وسيخلفك في أهلك بخير فهو نعم المولى ونعم النصير وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون.