دعوت فلم يستجب لي
كلمة أعوذ بالله أن أقولها..إنها هاجس يمر بقلوب كثيرين لست ببعيد عنهم..
إنه ضعف الإيمان والجهل بأمرين عظيمين هما : حقيقة الدعاء وسر القضاء .
نحن ندعو عبادة لله سبحانه فالدعاء كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هو العبادة لأنه المتضمن للحاجة والفقر إلى الله مع التذلل والخضوع
وقال: “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين”
أنت تدعو لتأخذ أجر الدعاء ولتنتظم في سلك العباد فلاتلتفت لأكثر من ذلك فالقدر آتيك لا محالة
وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف.
دعا آدم عليه السلام فقتل ابنه أخاه
ودعا نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاما فما آمن معه إلا قليل وكفرت امرأته وغرق ابنه
ودعا يعقوب عليه السلام السنوات الطوال فلم يلق يوسف إلا بعدما ابيضت عيناه من الحزن.
ودعا يوسف عليه السلام فلبث في السجن بضع سنين
ودعا خاتم النبيين حبيب رب العالمين فما آمن قومه إﻻ بعد حر السيف..
ومكث شهورا مسحورا يدعو ولا يدري ما به
وظل شهرا في الألم والحزن حتى برأ الله حبيبته من فوق سبع سموات..
ودعا الصالحون والعباد فمنهم من تحقق له ما سأل ومنهم من لم يتحقق له.
حتى من اشتهر بإجابة الدعاء كسعد بن أبي وقاص الذي كان يدعو بالشيء فيجاب للحظته فيما لا يقصده كما دعا على ابنته فظلت قصيرة
ولا شك أنه دعا لها ليزول عنها ذلك فلم يحصل وكم من موقف مر به في حياته فدعا فلم يحصل له ذلك.
إنها الحكمة و إنه القدر وأنت عبد مسلم لمولاك فهو أعلم بما يصلحك.
إياك أن تقول دعوت فلم يستجب لي
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” يستجاب ﻷحدكم مالم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي” وفي بعض ألفاظ الحديث فيستحسر فيدع الدعاء .
لماذا تقول :لم يستجب لي؟ أتدري ما اﻹجابة؟
إنها ليست تحقق ما تريد فلربما كان شرا لك إن تحقق مطلقا وربما كان تعجيله شرا لك ولكن سيأتيك بعد حين..
وإنما الإجابة أحد أمور ثلاثة : إما يتحقق لك ما تريد في وقته المقدر عاجلا أو آجلا..
وربما كفر الله عنك بدعائك مما اقترفت يداك من الآثام والذنوب وما أكثرها حتى إنك لو علمت ذلك لتمنيت ألا يتحقق لك شيء من دعائك
وربما ادخر الله لك أجرا في آخرتك ؛ هو لك أنفع من الدنيا وما عليها لو خيرت في ذلك.
تخيل لو قال لك عبد ذليل مثلك لك لديه حاجة :كلما طلبت مني حاجتك إما أن أحققها لك أو أعطيك من المال كذا أو كذا ؟
فبربك هل تكل أو تمل في سؤال حاجتك؟
ماذا يضرك و الخير آتيك على كل حال؟
تدعو برفع البلاء ولا تدري أن هذا البلاء هو سعدك في الدنيا والآخرة بانكسارك لمولاك وأجورك العظيمة إذا احتسبت وصبرت.
وتدعو بطلب النعماء ولا تدري أن هذه النعماء هي سبب لأشرك وبطرك وغفلتك عن آخرتك والعمل للدار الحقيقية لا دار الأحلام و الأوهام .
استفق من غفلتك واعلم أن وعد الله لك لا ينخرم “أجيب دعوة الداع إذا دعان”
ادع وادع وادع..ولكل دعوة لك مالك فلا تحرم نفسك فأنت في خير عظيم على كل حال
ثق بربك وتعرض لنفحاته وكراماته فكم دعوته فحقق لك ما تريد وكم دعوته فتبين لك أن ما طلبته منه لم يكن في صالحك
فسلم أمرك لخالقك واطرح بين يدي مولاك بالذل والانكسار والاعتراف بالجهل والعجز
“قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإﻻ تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين